للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فائدة (١)

استشكل جمهور الفقهاء مذهبَ مالكٍ فيمن قال لنسائه: "إحداكن طالق"، فإن الجميعَ يحرمْنَ عليه بالطَّلاق.

وقالوا: هذا إلزام بالطَّلاق لمن لم يُطَلِّقْها وهو باطلٌ. قالوا: ويلزمُ من هذا خلافُ الإجماع ولابدَّ؛ لأن الله تعالى أوجبَ إحدى خصال الكفَّارة، فإضافة الحكم لأحد الأمور إن اقتضى التعميمَ وجبَ أن يوجبوا جميعَ الخصال، وهو خلاف الإجماع، وإن لم يقتض العمومَ وجبَ أن لا يقتضيَهُ في قوله: "إحداكنَّ طالِقٌ"؛ لأنه لو عمَّ لعم بغير مقتضٍ، وهو باطلٌ (ق/ ٣٠٢ أ) بالإجماع.

ولكن لقوله -رضي الله عنه- غَوْرٌ، وهو الفرق بين إيجاب القَدْر المشترك وتحريم القَدْر المشترك، فالإيجابُ في الكفارة إيجاب لقدْر مشترك (٢)، وهو مسمَّى أحد الخصال، وذلك لا يقتضي العمومَ، كما إذا أوجب عتقَ رقية، وهي مشتركةٌ بين الرّقاب لم يَعمَّ سائرها.

وأما تحريم القَدْرِ المشترك فيلزمُ منه العموم؛ لأن التحريم من باب النهي، وإذا نهى عن القَدْر المشترك كان نهيًا عن كلِّ فرد من أفراده بطريق العموم، وإذا ثبتَ هذا؛ فالطلاق تحريمٌ لأنه رافع لحل النِّكاح، فإذا وقع في القَدْر المشترك -وهو إحدى نسائِهِ- عمَّ جميعَهُنَّ، كما لو قال: واللهِ لا قَرِبْت إحداكُن شهرًا.

وأما أصحاب أحمد فإنهم قالوا: إذا قال: "عَبْدي حرٌّ وامرأتي


(١) "الفروق": (١/ ١٥٧ - ١٥٨).
(٢) قوله: "وتحريم القدر ... " إلى هنا ساقط من (ق).