للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

طالقٌ"، عتقَ عليه جميعُ عبيده وطلقَ جميع نسائه، ولكن ليس بناء منهم علي هذا المأْخَذ؛ بل لأن عندهم المفرد المضاف يَعُمُّ كالجمع المُضاف.

وأما أصحاب أبي حنيفة والشافعي فلم يقولوا بالعموم في واحدة من الصُّورتين.

وقال أصحابُ مالك (١): إذا قال لعبيده: "أحدكم حرٌّ"، كان له أن يختارَ من شاء منهم فيعَيِّنهُ للعتق، ولا يعتق الجميع، قالوا: لأن العتق قربةٌ وطاعة لا تحريم، فهو إيجاب للقدْر المشترك، وإن لزم منه التحريمُ، ولهذا لو قال: "لله على أن أعتقَ أَحَدَكم"، لزمه عتق واحد دون الجميع.

فيقال (٢): لا فرق بين الطلاق والعتق في ذلك، وقول الجمهور أصحُّ، وقولكم: إن الطلاقَ تحريم ليس كذلك، بل هو كاسمه إطلاق وإرسال للمرأة، ويلزم منه التحريم، كما أن العتاق إرسال للأَمَة، ويلزم منه التحريم، فهما سواء.

ويدل عليه أنه لو قال: "إن كلَّمْتُ زيدًا فلله عليَّ أن أطلّقَ واحدة منكنَّ أو إحداكنَّ"، لم يلزمْه طلاقُ جميعهن (ظ / ٢١١ ب) عندَ من يعَيِّنُ عليه الوفاء عينا دون الكفَّارة، ومعلوم قطعًا أن القائل لنسائه: "إحداكُنَّ طالق"، غيرُ مُطَلِّق لبقِيَتهن لا بلفظه ولا بقصده، فكيف يطلقْنَ جميعًا، فلو طلقْنَ لطلُقْنَ يغير مقتضٍ لطلاقهنَّ.

ويدكُ على أن الطلاقَ ليس بتحريم أن الله تعالى أباحَه، ولم


(١) انظر "الفروق": (١/ ١٥٨ - ١٥٩).
(٢) هذا الجواب للمؤلف.