للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

في ذكر مناظرةِ إبليس عدوِّ (ق/٣٦٦ أ) الله في شأن آدَمَ، وإبائهِ من السجود له، وبيان فسادِها

وقد كرَّر اللهُ تعالى ذكرَها في (١) كتابهِ، وأخبرَ فيها أنَّ امتناعَ إبليسَ من السُّجود كان كِبْرًا منه وكفراً، ومُجَرَّدَ إباء، وإنما ذكر تلك الشبْهَةَ تعنّتاً، وإلا فسببُ معصيتِهِ الاستكبارُ والإباءُ والكفر، وإلاّ فليس في أمرهِ بالسجودِ لآدَمَ ما يناقِصُ الحكمةَ بوجهٍ.

وأما شبهتهُ الدَّاحِضَةُ وهي: أن أصلَهُ وعنصرَهُ النارُ، وأصلَ آدم وعنصرَه التُّرابُ، ورتَّب على ذلك أنه خَيْرٌ من آدَمَ، ثم رتَّبَ على هاتينِ المقدمتينِ أنه لا يحسنُ منه الخضوعُ لمن هو فوقَهُ وخيرٌ منة؛ فهي باطلةٌ من وجوهٍ عديدة:

أحدها (٢): أن دعواه كونهُ خيرًا من آدَمَ دعوى كاذِبَةٌ باطلةٌ، واستدلالُه عليها بكونهِ: مخلوقاً من نار وآدَمُ من طين، استدلالٌ باطلٌ، وليست النار خيرًا من: الطِّينِ والترابِ، بل التُّراب خيرٌ من النار، وأفضلُ عنصرًا من وجوه:

أحدها: أن النّارَ: طبعُها الفسادُ وإتلاف ما تعلَّقتْ به، بخلاف التُّرابِ.


(١) (ق): "وقد ذكرها الله تعالى في ... ".
(٢) لم يذكر المؤلف غير هذا الوجه، فلعله طال عليه الكلام بتعداد الوجوه المندرجة تحت هذا الوجه، فلم يذكر بقيتها، وانظر بعض هذه الوجوه في "الصواعق المرسلة": (٣/ ١٠٠٢ - ١٠٠٤).