للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصولٌ عظيمة النفع جداً

في إرشاد القرآن والسُّنّة إلى طريق المناظرة وتصحيحها، وبيانِ العلل المؤثِّرة، والفروق المؤثرة، وإشارتهما (١) إلى إبطال الدَّوْر والتَّسلسل بأوجزِ لفظٍ وأبينِهِ (٢)، وذِكْر ما تضمَّناه من التَّسوية بينَ المتماثلين، والفَرق بين المختلفين، والأجوبة عن المعارضاتِ، وإلغاء ما يجبُ إلغاؤُه من المعاني التي لا تأثيرَ لها، واعتبار ما ينبغي اعتبارهُ، وإبداء تناقض المبطِلِينَ في دعاويهم وحُجَجِهم، وأمثال ذلك.

وهذا من كنوزِ القرآن التي ضلَّ عنها أكثرُ المتأخرين، فوضعوا لهم شريعةً جَدَلِيَّةً، فيها حقٌ وباطلٌ، ولو أَعْطَوُا القرآنَ حَقَّهُ لرَأَوْهُ وافياً بهذا المقصودِ كافياً فيه، مُغْنِياً عن غيره.

والعالِمُ عن الله (ق/ ٣٦٠ ب) مَنْ آتاه الله (٣) فَهماً في كتابهِ. والنبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أوَّلُ من بيَّنَ العللَ الشرعيَّةَ والمآخِذَ، والجمعَ والفَرْقَ، والأوصافَ المعتبرةَ والأوصافَ الملغاةَ، وبيَّنَ الدَّورَ والتَّسلسُلَ وقطعهما.

فانظر إلى قوله - صلى الله عليه وسلم - وقد سُئِل عن البعيرِ يجربُ، فتجربُ لأجلِهِ الإبلُ، فقال، "مَنْ أعْدَى الأوَّلَ" (٤)، كيف اشتملتْ هذه الكلمةُ الوجيزةُ المختصرةُ البينَةُ على إبطال الدَّوْر والتَّسلسل، وطالما تَفَيْهق


(١) (ع): "وإشارتها"
(٢) (ع): "وأثبته".
(٣) "من آتاه الله" سقطت من (ع).
(٤) أخرجه البخاري رقم (٥٧١٧)، ومسلم رقم (٢٢٢٠) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.