للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم قال:

فصل (١)

فإذا ثَبَتَ هذا فـ "سواء" مبتدأ في اللفظ، و"عَلَيَّ وعَلَيْكُمْ أو عَلَيْهِمْ" مجرورٌ في اللفظ، وهو فاعل في المعنى المضمون من (٢) مقصود الكلام، إذْ قولك: "سَوَاءٌ عَلَيَّ" في معنى: "لا أُبَالِي"، وفي "أُبَالي" فاعل، وذلك الضمير الفاعلُ هو المجرورُ بـ "على" في المعنى؛ لأن الأمرينِ إنما استويا عليك في عدم المبالاة، فإذا لم تبالٍ بهما لم تَلْتَفِتْ بقلبك إليهما، (ظ/١٦٢ ب)، وإذا لم تلتفتْ فكأنك قلت: "لا أَدْرِي أَقُمْتَ أمْ قَعَدْتَ".

فلما صارتِ الجملةُ الاستفهاميةُ في معنى المفعول لفعل (٣) من أفعال القَلْب، لم يلزمْ أن يكونَ فيها ضميرٌ يعود على ما قبلَها؛ إذ ليس قبلَها في الحقيقة إلا معنى فعل يعملُ فيها، وكيف يعودُ من المفعول ضميرٌ على عامله؟! ولولا قولك: "عَلَيَّ وعَلَيْكُمْ" ما قَوِي ذلك المعنى، ولا عمل في الجملة، ولكن لما تعلَّقَ الجارُّ به صار في حكم المنطوق به، وصار المجرورُ هو الفاعلَ في المعنى، كالفاعل في: "عَلِمْتُ، ودَرَيْتُ، وبَالَيْتُ".

ألا ترى كيف صار المجرورُ في قولهم: "له صَوْتٌ صَوْتَ غُرَابٍ" بمنزلة الفاعل في يصوت، حتى كأنك نطقت بـ: "يُصَوِّتُ" فنصبت "صوتَ غراب لذلك".


(١) "نتائج الفكر": (ص/ ٤٣٠). و (ق): "فائدة".
(٢) "النتائج": "المتضمن في".
(٣) "النتائج": "بفعل".