للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فهذا في مقابلة وسائط الشر، فالفرق ما ذكرناه، والله أعلم.

فصل (١)

وأما "سَمِع الله لمن حمده" فقال السّهيلي: مفعول "سَمِع" محذوف؛ لأن السمع متعلِّق بالأقوال والأصوات (ق/ ١١٧ ب) دون غيرها، فاللام على بابها، إلا أنها تُؤذِن بمعنى زائد وهو الاستجابة المقارنة للسمع، فاجتمع في الكلمة الإيجاد والدلالة على المعنى الزائد وهي الاستجابة لمن حمده، وهذا مثل قوله: {عَسَى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ} [النمل: ٧٢] ليست "اللام" لام المفعول كما زعموا، ولا هي زائدة، ولكن "رَدِف" فعل متعدٍّ ومعموله (٢) غير هذا الاسم، كما كان مفعول "سمع" غير المجرور، ومعنى "رَدِف" تَبع وجاءَ على الأثر، فلو حَمَلْته على الاسم المجرور، لكان المعنى غير صحيح إذا تأملته، ولكن المعنى: رَدِف لكم استعجالكم وقولكم؛ لأنهم قالوا: {مَتَى هذَا الوَعْدُ} [النمل: ٧١] ثم حُذف المفعول الذي هو القول والاستعجال اتكالًا على فهم السامع، ودلت "اللام" على الحذف لمنعها الاسم الذي دخلت عليه أن يكون مفعولًا، وآذنت أيضًا بفائدة أخرى وهي معنى: عَجل لكم، فهي متعلقة بهذا المعنى، فصار معنى الكلام: قُل: عسَى أن يكون عَجِل لكم بعض الذي تستعجلون، فرَدِف قولكم واستعجالكم، فدلَّتَ: "رَدِف" على أنهم قالوا واستعجلوا، ودلت "اللام" على المعنى الآخر، فانتظم الكلام أحسن نظام، واجتمع الإيجاز مع (٣) التمام.


(١) "نتائج الفكر": (ص/ ٣٥٣).
(٢) "النتائج": "مفعولها".
(٣) (ظ): "معنى".