للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لأن افتعل (١) في هذا الباب كله للأخذ؛ لأنها زيادة على الحروف الأصلية تؤذِن بمعنى زائد على معنى الكلمة، لأن الآخذ للشيء كالمبتاع والمكتال والمشتري (ظ/٨٩ ب) ونحو ذلك، يدخل فعله من التناول والاحتراز إلى نفسه، والاحتمال إلى رحله ما لا يدخل فعلي المعْطي والبائع، ولهذا قال سبحانه: {لَهَا مَا كَسَبَتْ} [يعني: من الحسنات] (٢) {وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ} [البقرة: ٢٨٦] يعني: من السيئات، لأن الذنوب يُوْصَل إليها بواسطة الشهوة والشيطان والهوى، والحسنة تنال بهبة من الله من غير واسطة شهوة ولا إغواء عدوٍّ، فهذا الفرق بينهما على (٣) ما قاله السُّهيلي (٤)؟.

وفيه فرقٌ أحسن من هذا، وهو: أن الاكتساب يستدعي (٥) التعمُّل والمحاولة والمعاناة، فلم يجعل على العبد إلا ما كان من هذا القبيل الحاصل بسعيه ومعاناته وتعمُّله. وأما الكسب؛ فيحصل بأدنى ملابسة حتى بِالهَمَّ بالحسنة ونحو ذلك، فخصَّ الشرَّ بالاكتساب والخيرَ بأعم منه، ففي هذا مطابقة للحديث الصحيح "إذا هَمَّ عبْدي بحَسَنةٍ فاكْتُبوها وإنْ هَمَّ بسَيئةٍ فلا تكْتُبوها" (٦)، وأما حديث الواسَطة (٧) وعدمها فضعيف؛ لأن الخير أيضًا بواسطة الرسول والملك والإلهام والتوفيق،


(١) "النتائج": "الفعل".
(٢) ما بين المعكوفين من "النتائج".
(٣) (ق): "هذا".
(٤) في "النتائج": (ص/ ٣٥٢ - ٣٥٣).
(٥) (ق): "يقتضي".
(٦) أخرجه البخاري رقم (٧٥٠١) ومسلم رقم (١٢٨) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-.
(٧) يعني ما تقدم من كلام السهيلي من اكتساب السيئات بواسطة الشهوة والشيطان.