للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كي" هي لام العلة, فلا يقع قبلها (١) إلا فعل يكون علة لما بعدها, فإن كان ذلك الفعل منفيًّا لم يخرجها عن أن تكون "لام كي"، كما ذهب إليه الصَّيْمَرِي (٢)؛ لأن معنى العلة فيها باقٍ، وإنما الفرق بين "لام الجحود" و"لام كي" وذلك من ستة أوجه:

أحدها: أن لام الجحود يكون قبلها كَوْنٌ منفيٌّ بشرط المضي؛ إما "ما كان" أو "لم يكن"، لا مستقبلًا، فلا تقول: "ما أكون لأزورك" (٣)، وتكون زمانية ناقصة لا تامة، ولا يقع بعد اسمها ظرف ولا مجرور، لا تقول: "ما كان زيد عندك ليذهب" ولا: " ... أمس ليخرج". فهذه أربعة فروق.

والذي يكشف لك قناع المعنى ويهجم بك على الغرض: أن "كان" الزمانية عبارة عن زمانٍ ماضٍ، فلا تكون عِلّةً لحادث (٤)، ولا تتعدَّى إلى المفعول من أجله، ولا إلى الحال وظروف المكان, وفي تعدِّيها إلى ظروف الزمان نظرًا فهدا الذي منعها أن تقع قبلها لام العلة، أو يقع بعدها المجرور أو الظرف.

وأما الفرق الخامس بين اللامين فهو: أنَّ الفعل بعد "لام الجحود" لا يكون فاعله إلا عائدًا على اسم "كان"؛ لأن الفعل بعدها في موضع الخبر، فلا تقول: "ما كان زيدٌ ليذهب عَمْرو"، كما


(١) (ظ ود): "فيها".
(٢) هو: عبد الله بن علي بن إسحاق الضَّيْمري النحوي، له كتاب "التبصرة" اعتنى به أهل المغرب، وترجمته في المصادر مقتضبة جدًّا، ولم يعرف له تاريخ وفاة.
انظر: "إنباه الرواة": (٢/ ١٢٣)، و"إشارة التعيين": (ص / ١٦٨).
(٣) (ق): "لأزيدك".
(٤) (ق): "لما حدث".