للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فائدة

قوله تعالى لإبليس: {اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاءً مَوْفُورًا (٦٣)} [الإسراء: ٦٣] أعاد الضمير بلفظ الخطاب، وإن كان {فَمَنْ تَبِعَكَ} يقتضي الغيبة؛ لأنه اجتمع مخاطبٌ وغائبٌ، فغلِّب المخاطب، وجعل الغائب تبعًا له، كما كان تبعًا له في المعصية والعقوبة، فحسن أن يجعل تبعًا له في اللفظ، وهذا من حسن (١) ارتباط اللفظ بالمعنى واتِّصاله به.

وانتصب {جَزَاءً مَوْفُورًا (٦٣)} عند ابن مالك على المصدر، وعامله عنده المصدر الأوِّل.

قال (٢): والمصدرُ يعمل في المصدر، تقول: "عجبت من قيامك قيامًا"، ويعمل فيه الفعل نحو: "قام قيامًا"، واسم الفاعل: كقوله (٣):

فَأَصْبَحتُ لا أقرَبُ الغَانِيَا ... تِ مُزدَجِرًا عَنْ هَوَاها ازدِجَارا

واسم المفعول نحو: "هو مطلوبٌ طلبًا".

وبَعْدُ؛ ففي نصب (ق/٣٨٧ ب) "جزاء" قولانِ آخرانِ:

أحدهما: أنه منصوبٌ بما في معنى: {فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ} [الإسراء: ٦٣] من الفعل، فإنه متضمِّنٌ لـ "تجازون" وهو الناصب "جزاءً".

والثاني: أنه حالٌ، وساغ وقوع المصدر حالًا هاهنا؛ لأنه موصوفٌ.


(١) (ق): "وهو من أحسن ... ".
(٢) يعني ابن مالك، ولم أعثر على كلامه في "التسهيل" ولا في "شرح الكافية".
(٣) هو الأعشى "ديوانه": (ص/ ٨٠).