للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يُحيى الحبيبُ حبيبَه إذا لقيه، فماذا حرم المحجوبون عن ربهم يومئذ!؟.

يَكْفِي الذي غَابَ عنك غَيْبَتُهُ ... فذاك ذَنْبٌ عِقَابهُ فِيْهِ

والمقصود: أنَّ اللهَ تعالى يُطْلَب منه السلام، فلا يمتنع في حقه أن يسلِّم على عباده ولا يُطلب له ذلك، فلذلك لا يُسَلَّم عليه. وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ اللهَ هو السَّلام" (١) صريحٌ في كون السلام اسمًا من أسمائه.

قالوا: فإذا قال المسلِّم: "سلام عليكم"، كان معناه: اسم السلام عليكم. ومن حُججهم ما رواه أبو داود (٢) من حديث ابن عمر أن رجلًا سلَّمَ على النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم يَردَّ عليه حتى استقبل الجدار، ثم تيمَّم وردَّ عليه، وقال: "إني كرهتُ أنْ أذكرَ اللهَ إلا على طُهْر"، قالوا: ففي هذا الحديث بيان أن "السلام" ذِكر الله، وإنما يكون ذكرًا له إذا تضمن اسمًا من أسمائه.

ومن حججهم أيضًا: أن الكفار من أهل الكتاب لا يُبْدَؤون بالسلام، فلا يقال لهم: سلامُ عليكم. ومعلوم أنه لا يكره أن يقال لأحدهم: سلَّمَكَ الله، وما ذاك إلا لأن السلام اسم من أسماء الله، فلا يسوغ أن يُطْلَب للكافر حصول بركة ذلك الاسم عليه. فهذه


(١) تقدم ٢/ ٦١١.
(٢) رقم (٣٣٠)، والنسائي: (١/ ٣٥ - ٣٦)، والطيالسي رقم (١٨٥١) من طريق محمد بن ثابت العبدي عن نافع عن ابن عمر بنحوه، وفي لفظه نكارة، ذكره أبو داود عن الإمام أحمد.
وله شاهد من حديث المهاجر بن قنفذ، أخرجه أبو داود رقم (١٧)، والنسائي: (١/ ٣٧)، وابن ماجه رقم (٣٥٠)، والحاكم: (١/ ١٦٧)، وابن خزيمة رقم (٢٠٦)، وانظر "سلسلة الأحاديث الصحيحة" رقم (٨٣٤).