للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حججٌ كما ترى قوية ظاهرة.

القول الثاني: أن السَّلام مصدر بمعنى السلامة، وهم المطلوب المدعوّ به عند التحية. ومن حُجَّة أصحاب هذا القول أنه يُنكَّر بلا ألف ولام (١)، بل يقول المسلِّم: "سلام عليكم"، ولو كان اسمًا من أسماء الله لم يستعمل كذلك، بل كان يطلق عليه معرَّفًا، كما يُطلق علي سائر أسمائه الحسنى، فيقال: {السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ} [الحشر: ٢٣]، فإن التنكير لا يصرف اللفظ إلى مُعيَّن فضلًا عن أن يصرفه إلى الله وحده، بخلاف المعرف فإنه ينصرف إليه تعيينًا إذا ذكرت أسماؤه الحسنى.

ومن حُجَجهم أيضًا: إن عطفَ الرحمة والبركة عليه في قوله: "سلام عليكم ورحمة الله وبركاته"، يدل على أن المراد به المصدر، ولهذا عطف عليه مصدرين مثله.

ومن حُجَجهم أيضًا: أنه لو كان السلام (ق/١٤٦ أ) هنا اسمًا من أسماء الله، لم يستقم الكلام إلا بإضمار وتقدير يكون به مُقيدًا، ويكون المعنى بركة اسم السلام عليكم، فإن الاسم نفسه ليس عليهم، ولو قلت: اسم الله عليك، كان معناه: بركة هذا الاسم عليك، ونحو ذلك من التقدير، ومعلوم أن هذا التقدير خلاف الأصل، ولا دليل عليه.

ومن حُجَجهم أيضًا: أنه ليس المقصود من السلام هذا المعنى، وإنما المقصود منه الإيذان (٢) بالسلامة خبرًا ودعاءً، كما يأتي في جواب السؤال الذي بعد هذا ولهذا كان السلام أمانًا، لتضمُّنِه معنى


(١) "ولام" ليست في (ق).
(٢) (ق): الإيذان منه".