للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما "أعطيته" فمنقول من "عطا يعطو" إذا أشار للتناول، وليس معناه الأخذ والتناول؛ ألا تراهم يقولون: "عَاطٍ بغيرِ أنواط" (١)، أي: يشير إلى التناول من غير شيء، فنفوا أن يكون وقع هذا الفعل بشيء، فلذلك نُقل كما نُقِل المتعدي لقربه منه، فقالوا: أعطيته، أي: جعلته عاطيًا.

وأما "أنلت" فمنقول من "نال" المتعدية، وهي بمنزلة "عطا يعطو" لا تنبئ إلا عن وصول إلى المفعول دون تأثير فيه ولا وقوع ظاهر به.

ألا ترى إلى قوله سبحانه: {لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا} [الحج: ٣٧] ولو كان فعلاً مؤثرًا في مفعوله لم يجز هذا، إنما هو منبئٌ عن الوصول فقط. وأما "آتيتُ المالَ زيدًا"؛ فمنقول من "أتى"؛ لأنها غير مؤثِّرة فى المفعول، وقد حصل منها في الفاعل صفة.

فإن قيل: يلزمك أن تجيز: "آتيت زيدًا عَمرًا أو المدينة"، أي؛ جعلته يأتيهما؟.

قلت: بينهما فرق (٢) وهو أن إتيان المال كَسْب وتمليك، فلما اقترن به هذا المعنى صار كقولك: "أكسبته مالاً" أو "ملكته (٣) إياه"، وليس كذلك: (ظ/ ٨٤ أ) "آتى زيدٌ عَمرًا".

وأما "شَرِبَ زيدٌ الماء"، فلم يقولوا فيه: "أشربته الماء"؛ لأنه بمثابة الأكل والأخذ، ومعظم أثره في المفعول، وإن كان قد جاء


(١) مثل، يُضَرب لمن يدعي الشيءَ وهو لا يملكه، انظر: "مجمع الأمثال": (٢/ ٣٥٤).
(٢) (ظ ود): "فرقان".
(٣) في الأصول: "ملكته" والمثبت من "النتائج".