للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الخبز وأطعمته وكذلك: "جَرِع الماءَ وأجرعته وكذلك: بلع وشم وسمع (١)؛ وذلك لأنها كلها يحصل للفاعل منها صفة في نفسه عير خارجة عنه، ولذلك جاءت أو أكثرها على فَعِل -بكسر العين- مشابهة لباب: فَزِع وجَذِر وحَزِن ومَرِض، إلى غير ذلك مما له أثر في باطن الفاعل وغموض معنى [فيه] (٢)، ولذلك كانت حركة العين كسرًا، لأن الكسرة خفض للصوت أخفاء له، فَشَاكَل اللفظ المعنى، ومن هذا: "لبس الثوب وألبسته إياه"؛ لأن الفعل -كان كان متعديًا- فحاصل معناه في نفس الفاعل، كأنه لم يفعل بالثوب شيئًا، وإنما فعل بلابسه، ولذلك جاء على فعل مقابلة "عَرِي وقالوا: كَسَوْته الثوب، ولم يقولوا: أكسيته إياه، وإن كان اللازم منه: كسِي، ومنه:

* واقعُدْ فإنك أنتَ الطَّاعِمُ الكاسي (٣) *

فهذا من "كسِي يكسى" لا من "كسا يكسو وسرُّ ذلك: أن الكُسْوة سَتْر للعورة، فجاءً على وزن: "سَتَرته وحَجَبته"، فعدَّوْه بتغيير الحركة لا بزيادة الهمزة.

وأما "أَكَل وأَخَذ وضَرَب" فلا تُنْقَل؛ لأن الفعل واقع بالمفعول، ظاهر أثره فيه غير حاصل في الفاعل منه صفة، فلا تقول: "أضربت زيدًا عَمرًا(ق/١١٠ أ) ولا: "أقتلتُه خالدًا"؛ لأنك لم تجعله على صفة في نفسك كما تقدم.


(١) في (د)، زيادة: "وفاق".
(٢) من "النتائج".
(٣) عجز بيت للحُطيئة، "ديوانه": (ص/ ١١٧)، وصدره:
* دع المكارمَ لا ترحَل لبُغْيَتِها *