للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صفاتِ كماله ونعوتَ جلاله وأفعاله وأسمائه كلها سلام، وكذا (الحمد) كله له وصفًا وملكًا، فهو المحمود في ذاته، وهو الذي يجعل من يشاءُ من عبادِه محمودًا فيهبه حمدًا من عنده، وكذلك (العِزَّة) كلها له وصفًا ومُلْكًا، وهو العزيز الذي لا شيءَ أعز منه، ومن عز من عباده (١) فبإعزازه له. وكذلك (الرحمة) كلها له وصفًا وملكًا. وكذلك (ق / ١٦٥ أ) البركة فهو المتبارك في ذاته الذي يبارك فيمن شاءَ من خَلْقه وعليه فيصير بذلك مباركًا: {فَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالمِينَ} [غافر: ٦٤]، {وَتَبَارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٨٥)} [الزخرف: ٨٥].

وهذا بِسَاط؛ وإنما غاية معارف العلماء الدُّنو من أول (٢) حواشيه وأطرافه، وأما ما وراء ذلك فكما قال أعلم الخلق بالله، وأقربهم إلى الله، وأعظمهم عنده جاهًا: "لا أُحْصِي ثناءً عليكَ أنتَ كما أثنيتَ على نَفْسِك" (٣)، وقال في حديث الشفاعة الطويل: "فأَخِرُّ ساجِدًا لربي فيفتح عليَّ مِنْ مَحامِدِه بما لا أحْسِنُه الآنَ" (٤)، وفي دعاء الهمِّ والغم: "أسألكَ بكلِّ اسم هو لكَ سَمَّيتَ به نفسَكَ أو أنْزَلْته في كتابك أو علَّمْتَه أحدًا من خَلْقِك أو اسْتأثرتَ به في عِلْم الغيبِ عِنْدَك" (٥)، فدلَ على أن لله سبحانه وتعالى أسماء وصفات استأثر بها في علم الغيب عنده (٦) دون خلقِه، لا يعلمها مَلك مقرَّب ولا نبى مُرْسَل. وحسبنا الإقرار بالعَجْز


(١) من قوله: "وكذلك العزة ... " إلى هنا ساقط من (ظ ود).
(٢) (ق): "أهل".
(٣) تقدم ١/ ٢٩٤.
(٤) تقدم ١/ ٢٩٤.
(٥) تقدم ١/ ٢٩٣.
(٦) (ق): "في غيبه".