للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ} [البقرة: ١٠٩].

والشيطان يقارنُ الساحر والحاسد ويحادثهما ويصاحبهما، ولكنَّ الحاسدَ تُعِينُهُ الشياطينُ بلا استدعاء منه للشيطان؛ لأن الحاسد شبيهٌ بإبليس وهو في الحقيقة من أتباعه؛ لأنه يطلبُ ما يحبه الشيطان من فساد الناس وزوال نعم الله عنهم, كما أن إبليس حسد آدم لشَرَفَه وفضله, وأبى أن يسجدَ له حَسَدًا, فالحاسد من جند إبليس, وأما الساحرُ فهو يطلبُ من الشيطان أن يُعِينَهُ ويستعينه (١) , وربما يعبدُهُ من دون الله تعالى حتى يقضيَ له حاجَتَهُ, وربما يسجد له.

وفي كتب السحر و"السِّرِّ المكتوم" (٢) من هذا عجائب, ولهذا كلما كان الساحرُ أكفرَ وأخبثَ وأشدَّ معاداةً لله ولرسوله ولعباده المؤمنين؛ كان سحرُه أقوى وأنْفَذَ, ولهذا كان سِحْرُ عُبَّاد الأصنام أقوى من سِحْر أهل الكتاب, وسحر اليهود أقوى من سِحْر المُنْتَسِبين إلى الإسلام, وهم الذين سحروا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

وفي "الموطأ" (٣) عن كعب قال: "كلماتٌ أحفظُهُنٌ من التَّوراة لولاها لجعلتْني يهودُ حمارًا: أعوذُ بوجه اللهِ العظيمِ الذي لا شيءَ أعظمُ منه, وبكلمات الله التَّامَّاتِ التي لا يُجاوِزهُنَّ بَرٌّ ولا فاجرٌ,


(١) (ق): "ويستعين به".
(٢) "السر المكتوم في مخاطبة النجوم" لأبي بكر الرازي المتكلم (٦٠٦) , والكتاب في عبادة الكواكب في الأصنام وعمل السحر، وقيل: إنه منسوب إليه. انظر: "مجموع الفتاوى": (١٣/ ١٨٠)، و"بيان تلبيس الجهمية": (١/ ٤٤٧)، و"كشف الظنون": (ص/ ٩٨٩)، و"طبقات الشافعية الكبرى": (٨/ ٨٧).
(٣) (٢/ ٩٥١ - ٩٥٢).