للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بين شرِّ الساحر والحاسد في سورة، وكثيرًا ما يجتمعُ الشران شر الحسد والسحر في النفوس الخبيثة (١) للمناسبة.

ولهذا اليهودُ أسحر الناس وأحسدُهُمْ، فإنهم لشِدَّة خُبْئِهِمْ فيهم من السِّحر والحسد ما ليس في غيرهم، وقد وصفهم الله تعالى في كتابه بهذا وهذا، فقال تعالى: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (١٠٢)} [البقرة: ١٠٢].

وللكلامِ على أسرار هذه الآية وأحكامها، وما تضمَّنَتْه من القواعد، والرَّدِّ على من أنكر السحر، وما تضمنته من الفرقان بين السحر وبين المعجزات، الذي أنكر من أنكرَ السحرَ خشية الالتباس، وقد تضمنت الآية أعظم الفرقان بينهما = موضعٌ غير هذا؟ إذ المقصودُ الكلامُ على أسرار هاتين السورتين، وشدَّة حاجة الخلق إليهما، وأنه لا يقومُ غيرُهما مقامَهُما.

وأما وصفُهم (٢) بالحسد؛ فكثير في القرآن، كقوله تعالى: {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [النساء: ٥٤] وفي قوله: {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ


(١) (ظ ود): "وكثيرًا ما يجتمع القرآن الحسد والسحر للمناسبة"! والمثبت من (ق).
(٢) أي اليهود.