للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد جاءوا بمصدر هذا الوزن المكرر مفتوح الفاء، فقالوا: "وَسْوَسِ الشيطان وَسْوَاسًا"، و"وَعْوعَ الكلبُ وَعْوَاعًا" إذا عوى، و"عَظْعَظ السَّهْمُ (١) عَظْعَاظًا"، والجاري على القياس: "فِعْلالٌ" بكسر الفاء، أو "فَعْلَلَة"، وهذا المفتوح نادر؛ لأن الرُّباعي الصحيحَ أصلٌ للمتكرِّر، ولم يأتِ مصدر الصحيح مع كونه أصلًا إلاّ على "فَعْلَلَة وفِعْلال" بالكسر، فلم يحسُن بالرباعي المكرّر لفرعيته أن يكونَ مصدَرُه إلا كذلك، لأن الفرعِ لا يخالف أصلَه، بل يحتذي فيه حذوَه، وهذا يقتضي أن لا يكونَ مصدرُه على "فَعْلال" بالفتح، فإن شذَّ حُفِظ ولم يُزَدْ عليه.

قالوا: وأيضًا فإن "فَعْلالًا" المفتوح الفاء قد كثر وقوعُه صفةً مصوغةً من "فَعْلَلَ" المكرر ليكون فيه نظير "فَعَّال" من الثلاثي لأنهما متشاركان وزنًا، فاقتضى ذلك أن لا يكون لـ "فَعْلال" من المصدرية نصيبٌ، كما لم يكن لـ "فَعال" فيها نصيبٌ، فلذلك اسْتندروا وقوع: (وَسْوَاس ووَعْوَاع وعَظْعَاظ) مصادر، وإنما حقُّها أن تكون صفاتٍ دالَّةً على المبالغة في مصادر هذه الأفعال.

قالوا: وإذا ثبت هذا فحقُّ ما وقع منها محتملًا للمصدرية والوصفية أن يُحمل على الوصفية، حَمْلًا على الأكثر الغالب وتجنبًا للشَّاذِّ، فمن زعم أن (الوَسْوَاس) مصدر مضاف إليه (ذو، تقديرًا، فقوله خارج عن القياس والاستعمال الغالب، ويدلُّ على فساد ما ذهب إليه أمران:


(١) المعظعظ من السهام هو الذي يضطرب ويلتوي، "اللسان": (٧/ ٤٤٧).
وذكر في "اللسان" أن عَظْعَاظًا -بفتح العين- محكية عن كراع وهي نادرة، والأشهر: عِظْعاظًا.