أحدهما: أن كلَّ مصدر أضيف إليه (ذو) تقديرًا فتجرُّدُهُ للمصدرية أكثرُ من الوصف به، كَرِضى وَصَوْم وفِطْر، و"فَعْلال" المفتوح لم يثبُتْ تجرُّدُه للمصدرية إلا فِي ثلاثة ألفاظ فقط (وَسْوَاسْ ووَعْوَاع وعَظْعَاظ)، على أن منع المصدرية في هذا ممكنٌ؛ لأن غاية ما يمكنُ أن يُستدَلَّ به على المصدرية قولهم: وَسْوَس إليه الشيطان وَسْواسًا، وهذا لا: يتعيَّنُ للمصدرية؛ لاحتمال أن يُرَادَ به الوصفية وينتصب:"وَسْواسًا" على الحال، ويكون حالًا مؤكِّدة، فإن الحال قد يؤكَّدُ بها عاملُها الموافق لها لفظًا ومعنًى، كقوله تعالى:{وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا}[النساء: ٧٩]{وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ}، نعم إنما تتعيَّن مصدرية (الوَسْوَاس) إذا سُمِع: "أعوذ بالله من وَسْوَاس الشيطان"، ونحو ذلك مما يكون الوَسْوَاس فيه مضافًا إلى فاعله، كما سُمع ذلك في (الوَسْوَسَة) ولكن أين لكم ذلك؟ فهاتوا شاهده؟! فبذلك يتعيّن أن يكون (الوَسْوَاس) مصدرًا لا بانتصابِه (١) بعد الفعل.
الوجه الثاني: -من دلِيل فساد من زعم أن وسواسًا مصدرٌ مضافٌ إليه (ذو) تقديرًا-: أنَّ المصدر المضاف إليه (ذو) تقديرًا لا يؤنَّثُ ولا يُثنَّى ولا يُجمعُ، بل يلزمُ طريقةً واحدةً، ليعلمَ أصالته في المصدرية وأنه عارض: الوصفية، فيقال: امرأة صَوْمٌ، وامرأتان صَوْمٌ، ونساءٌ صَوْم، لأن المعنى: ذاتُ صَوْم، وذواتا صَوْم، وذوات صَوْمِ، و"فَعْلال" الموصوف به ليس كذلك، بل يثنَّى ويُجْمَعُ ويؤَنَّثُ فتقول: رجل ثَرْثار، وامرأة ثَرْثَارة، ورجالٌ ثَرْثارنَ.