للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كان ما ثَبَتَ عنهم خطأ ولحنًا، وخالفناهم فيه، لم نكن تابعين لهم ولا قاصدين لنَهج كلامهم، ولا ريب أن المهموز في هذا الجمع هو ما كانت حروف العلَّة في واحدة مدَّةً زائدةً كـ "صحيفةٍ ورسالةٍ وعجوز"، فإذا همزوا ما كان حرف العلة فيه أصليًّا في بعض المواضع، تشبيهًا له بما هو فيه مدَّة (١) زائدة، فأيُّ خطأٍ يلزمهم؟ وأي غلطٍ يسجَّل به عليهم؟!.

وطالما يخرجون الشيء من كلامهم عن أصله؛ لغرض ما من تشبيهٍ أو تخفيفٍ أو تنبيهٍ، على أنه كان ينبغي أن يكون كذا، ولأغراض عديدةٍ، أفتراهم لما صحَّحوا: "استحوذ"، فصحَّحوا ما حقه الإعلال كانوا مخطئين؟! وكذلك لما صحَّحوا: "استنوق"، فهلَاّ قلتم: إنَّ القوم لما ألقوا الهمزة بعد ألف مفاعل فيها (٢) حرف العلَّة مدَّةٌ (ق/٣٨٥ أ) في واحده لم يستنكروها في: "معايش ومصايب"؛ لأنَّ الموضع موضع همز، فليست الهمزة بشديدة الغربة في هذا الموضع.

ويا لَلعجب كم في اللغة من قلبٍ وإبدالٍ وحذفٍ غير مقيس، بل هو مسموعٌ سماعًا مجردًا ولو تُكُلِّم بغيره لكان غلطًا وخطأً، وإن كان مقتضى القياس!.

وقد ذكر (٣) ابن جنِّي (٤) من الأمثلة التي زعم أنها وقعت غلطًا في


(١) هذه وما قبلها فى (ظ): "بمدة".
(٢) (ق): "مفاعيل ميمًا".
(٣) (ق): "كرر"، وغير بينة في (ظ).
(٤) في "المصنف": (١/ ٣٠٩ - ٣١١)، إلا أنه قال لما ذكر بعض ما تهمزه العرب مما لا يُهمز: "وأنا أري ما ورد عنهم من همز الألف الساكنة في "بأز وساق وتأبل" ونحو ذلك، إنما هو عن تَطرُّق وصَنعة، وليس اعتباطًا هكذا من غير مسكة ... " اهـ "الخصائص": (٣/ ١٤٧).