للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإما مِفعلةٌ، وكذلك ما تقول في همزهم "مصائب"، وهي جمع مصيبةٍ؟.

قلت: أما: معائش، فكدَّرت عيش أهل التصريف، حتى قال فيها أبو عثمان في "تصريفه" (١): وأما قراءة أهل المدينة {معائش} بالهمز فهي خطأٌ فلا يلتفت إليها، فإنما أخذت عن نافع بن أبى نعيم، ولم يكن يدري ما العربية، وله أحرف يقرؤها لحنًا نحوًا من هذا. وأما "مصائب" فلقد أصيبوا منها بمصائب.

قال المازنيُّ (٢): وقد قالت العرب: "مصائب" فهمزوا، وهو من الغلط قالوا: حلأْت (٣) السَّويق، وكأنهم توهَّموا أن "مصيبة" فعيلةٌ، فهمزوها حين جمعوها كما همزوا: "شقائق"، وإنما "مصيبة" مفعلةٌ من: أصاب يصيب، فأصلها: مصوبةٌ، فألقوا حركة الواو على الصَّاد، فانكسرت الصاد، وبعدها واوٌ ساكنة فأبدلت ياءً وأكثر العرب يقول: مصاوب، فيجيء بها على القياس وما ينبغي.

فيقال: ومن المصائب تخطئة العرب وأهل المدينة، ونحن إنما نجهد أنفسنا في استخراج المقاييس لنوافقهم فيما تكلَّموا به، فإذا


(١) أبو عثمان هو: المازني، قاله في "التصريف": (١/ ٣٠٧ - مع شرحه المصنف) لابن جني. قال أبو الثناء الآلوسي في "روح المعاني": (٨/ ٨٥): "وبالغ أبو عثمان فقال: إن نافعًا لم يكن يدري ما العربية، وتُعُقِّب ذلك بأن هذه القراءة وإن كانت شاذة غير متواترة، مأخوذة من الفصحاء الثقات، والعربُ قد تشبِّه الأصلي بالزائد لكونه على صورته، وقد سمع هذا عنهم فيما ذكر وفي مصائب ومنائر أيضًا. وقول سيبويه: إنها غلط، يمكن أن يراد به أنها خارجة عن الجادة والقياس، وكثيرًا ما يَستعمل الغلطَ في كتابه بهذا المعنى" اهـ.
(٢) في "تصريفه": (١/ ٣٠٧).
(٣) تحرفت في النسخ، وبياض في (ظ).