للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السلام، وفي جانب الرَّاد تقديم المسلّم عليه؟

فالجواب عنه: أنَّ في ذلك فوائد عديدة:

أحدها: الفرق بين الرد والابتداء، فإنه لو قال له في الرد: السلام عليكم أو سلام عليكم، لم يعرف أهذا ردٌّ لسلامِهِ عليه أم ابتداء تحيةٍ منه، فإذا قال: عليك السلام، عرف أنه قد ردَّ عليه تحيَّتَه، ومطلوبُ المسلِّم من المسلَّم عليه أن يردَّ عليه سلامَه، ليس مقصوده أن يبتدئه بسلام كما ابتدأه به، ولهذا السر -والله أعلم- نهى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - المسلم عليه بقوله: "عليك السلام" عن ذلك، فقال: "لا تَقُلْ: عليكَ السلام فإن عليْكَ السلام تَحِيَّة المَوْتَى" (١)، وسيأتي الكلام على هذا الحديث ومعناه في موضعه (٢). أفلا ترى كيف نهاه النبي - صلى الله عليه وسلم - (٣) عن ابتداء السلام بصيغة الردِّ التي لا تكون إلا بعد تقديم سلام، وليس (ق/ ١٥٠ ب) في قوله: "فإنَّها تحيةُ الموتى" ما يدل على أن المشروع أن تُحيي الموتى كذلك كما سنذكره إن شاء الله، وإذا كانوا قد اعتمدوا الفرقَ بين سلام المبتدئ وسلام الرّادّ، خصُّوا المبتدئَ بتقديم السلام لأنه هو المقصود، وخصُّوا الرادَّ بتقديم الجارِّ والمجرور.

الفائدة الثانية: وهي أن سلامَ الرادّ يجري مجرى الجواب، ولهذا يُكْتَفى فيه بالكلمة المفردة الدالّة على أختها، فلو قال: "وعليك "


(١) أخرجه أبو داود رقم (٤٠٨٤)، والترمذي رقم (٢٧٢٢)، وأحمد في "المسند": (٥/ ٦٣) من حديث أبي جُرَيّ الهُجَيمي، (قال الترمذي): "حسن صحيح"، وصححه الحافظ ابن حجر في "الفتح": (١١/ ٥).
(٢) (٢/ ٦٦٠).
(٣) من قوله: "المسلّم عليه ... " إلى هنا ساقط من (ظ).