للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقيل: إنّ من هذا قوله تعالى: {فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ} [هود: ٨١] في قراءة الرفع (١)، ويكون "امرأتُك" مبتدأ وخبره ما بعده.

وهذا التوجيهُ أولى من أن يجعلَ الاستثناء في قراءة من نَصَبَ من قوله: {فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ}، وفي قراءة من رفع من قوله: {وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ} , ويكون الاستثناءُ على هذا من (٢): "فَأَسرِ بأهْلِكَ "، رفعًا ونصبًا، وإنما قلنا: إنه أوْلى؛ لأنَّ المعنى عليه، فإن الله تعالى أمرَه أن يَسْرِيَ بأهلِه إلا امرأته.

ولو كان الاستثناء من الالتفات؛ لكان قد نهى المُسْرَى بهم عن الالتفات وأذِنَ فيه لامرأته، وهذا ممتنعٌ لوجهين:

أحدُهما: أنه لم يأمرْه أن يَسْرِيَ بامرأتِهِ، ولا دخلت في أهله الذين وُعِد بنجاتهم.

والثاني: أنه لم يكَلِّفْهُمْ بعدم الالتفات، ويأذَنَ فيه للمرأة.

إذا عُرِفَ هذا؛ فاختلف النُّحاة: هل من شرط الاستثناء المنقطع تقدير دخوله في المستثنى منه بوجه أو ليس ذلك بشرط؟.

فكثيرٌ من النُّحاة لم يشترط فيه ذلك، واشترطه آخرون، قال ابن السَرَّاج (٣): "إذا كان الاستثناء منقطعًا فلابدَّ من أن يكونَ الكلامُ الذي قبل "إلَاّ" قد دلَّ على ما يُستثنى [منه] ". فعلى الأوَّل لا يُحتاج


(١) وهى قراءة ابن كثير وأبى عَمرو، انظر: "المبسوط": لابن مِهران.
(٢) من قوله: "من قوله: فأسر ... " إلى هنا ساقط من (ق)، و"من" سقطت من (ع).
(٣) في "الأصول": (١/ ٢٩١).