للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومنها: أن المُرَادَ التنبيهُ على أن الموصوفين بالصِّفات المتقدِّمة هم (الآمرون بالمعروف والناهونَ عن المنكر).

وكلُّ هذه الأجوبة غيرُ سديدة، وأحسنُ ما يقال فيها: (ق / ٢٢٥ ب) إن الصِّفاتِ إذا ذُكِرتْ في مَقامِ التَّعداد، فتارة يتوسَّطُ بينها حرفُ العطف لتغايُرها في نفسها، وللإيذان بأن المُرادَ ذكرُ كُلِّ صفة بمفردها، وتارةً لا يتوسَّطُها العاطفُ لاتحاد موصوفها وتلازُمِها في نفسها، وللإيذان بأنها فى تلازُمها كالصفة الواحدة، وتارةً يتوسَّطُ العاطفُ بين بعضها ويُحذفُ مع بعض ٍبحسْب هذين المقامين.

فإذا كان المقامُ مقامَ تَعداد الصِّفات، من غير نظر إلى جمع أو انفراد حسُنَ إسقاطُ حرف العطف، وإن أريدَ الجمعُ بين الصِّفاتْ أو التَّنبيه على تغايُرها حسُنَ إدخالُ حرف العطف.

فمثال الأول: {التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ} وقول: {مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ} [التحريم: ٥].

ومثال الثاني: قوله تعالى: {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ} [الحديد: ٣]، وتأمَّل كيف اجتمع النوعان في قوله تعالى: {حم (١) تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (٢) غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ} [غافر: ١ - ٣] فأتى بالواو في الوصفين الأولَين، وحذفها في الوصفين الأخيرين؛ لأن غفرانَ الذنب وقبولَ التَّوْب قد يُظَنُّ أنهما مجريانِ مجرى الوصف الواحد لتلازُمِهِما، فمَنْ غفر الذنبَ قبِلَ التوب، فكان في عطف أحدهما على الآخر ما يدلُّ على أنهما صفتانِ وفِعلانِ مُتغايرانِ ومفهومانِ مختلفانِ لكلِّ منهما حُكْمُهُ:

أحدهما: يتعلَّق بالإساءة والإعراض وهو المغفرة.