للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الروايتين، وهي اختيارُ صاحب "المغني" (١).

وقيل: يُقْرِع بينهما، كما لو أَبْهَمَ الطلاق في واحدة لا بعينها، وهذا هو المشهورُ في المذهب، وهو اختيارُ عامَّة أصحاب أحمد، ونصَّ عليه الخِرقيُّ في "المختصر" (٢) فقال: "ولو طلقَ واحدة من نسائه وأُنسِيَها أخرجَت بالقُرْعَةِ".

قال المانعون من القُرعة: في هذه الصّورة اشتبهت عليه زوجته بأجنبية فلا تحِل له إحداهما بالقُرْعة، كما لو اشتبهت أختُه بأجنبية، لم يكن له أن يعقدَ على إحداهما بالقُرعة.

قالوا: ولأن القرعةَ لا تُزيل التحريم من المطَلَّقة، ولا ترفعُ الطلاق عمن وقَع عليه، ولا تُزيل احتمالَ كون المطلَّقة غير مَنْ وقعت عليها (ظ / ٢١٣ ب) القرعة، بدليل أن التحريمَ لو ارتفع بالقُرعة لما عاد إذا ذَكَرها، فلما عاد التَّحريمُ بالذكر دل على أن القُرْعة لم ترفَعْ تحريم المطَلَّقة.

قالوا: وأيضًا القُرعة لا يؤمنُ وقوعها على غير المطلقة، وعدولُها عن المطلقة، وذلك يتضمنُ مفسدتين (٣): تحريم المحللة له بلا سَبَب، وتحليل المحرَّمة عليه، مع جواز كونها المطلقَة.

قالوا: وأيضًا فلو حلف لا يأكل تَمْرَة بعينها، ثم وقعت في تَمْر، فإنها لا تخرجُ بالقرعة. ولو حَلَفَ لا يكلمُ إنسانًا بعينه، ثم اختلطَ في آخرين لم يَخْرج بالقرعة، إلى أمثال ذلك من الصُّور، فهكذا هذا.


(١) (١٠/ ٥٢٢).
(٢) مع "المغني": (١٠/ ٥٢٢).
(٣) (ع): "مقدمتين".