للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لا يفعل"، ومعلوم أنَّ "ما" لا يخلصُ الفعل المنفي بها للحالِ، وسيبويه قد جعلَها في فعل الحال كـ "لا" في فعل الاستقبالِ، فعلم أنه إنما أراد الأكثرَ من استعمال الحرفين.

وتأمَّلْ كيف جاءَ نفيُ المضارعِ وهو مرفوع بـ "ما ولا" وهما لا يُزيلانِ رفعه لتشاكُلِ المنفي للمُثْبَتِ، ويقابل مرفوع بمرفوع، والمشاكلةُ مُهِمة (١) في كلامِهم، حتى يغيِّروا لها بعضى الألفاظ، كقولِهم: أخذه ما قَدُمَ وما حَدُثَ، والغَدَايا والعَشَايا، ونظائره.

وترجح الحالُ بدحْول لام الابتداء (ق/ ٣٩٠ أ) عليه نحو: "إني لأحبُّكَ وأما قوله تعالى حكاية على يعقوب: {إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ} [يوسف: ١٣]، وذهابهم مستقبلٌ، وهو فاعلُ الحزن، ويمتنعُ أن يكون الفاعل مستقبلًا والفعلُ حالًا.

فزعم صاحبُ "التسهيل" أن هذا دليلٌ على أن اللام لا تخلصُ للحالية، واحتجَّ أيضًا بقوله: {وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [النحل: ١٢٤]، ولقائل أن يقول: التخلُّصُ (٢) إنما يكونُ باللام المجردة، وأما إذا اقترن بالفعل قرينةٌ تخلِّصه للاستقبال، لم تكن اللام للحال، وهذا كـ: "سَوْفَ" كما في قوله تعالى: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى} [الضحى: ٥]، فلولا هذه القرائنُ لتخلَّصَ للحالِ، وهذا كان مع "لم" كقوله تعالى: {وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا} [المائدة: ٧٣]، فـ "إنْ" منعتِ اقتضاءَ "لم" للمضي، وأمَّا "الآنَ" و"آنِفًا" و"الساعةَ" فمخلِّصة للحال خلافًا لبعضهم.


(١) تحتمل: "فهمه".
(٢) (ق وظ): "التخليص".