للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حال المُخْبِر. فمن حيث الاعتبار الأول ينشأ التقسيم إلى الحمد والمجد، فإن المخْبَر به إما أن يكون من أوصاف العظمة والجلال والسعة وتوابعها، أو من أوصاف الجمال والإحسان وتوابعها (١)، فإن كان الأول؛ فهو المجد، وإن كان الثاني؛ فهو الحمد، وهذا لأن لفظ "مجد" في لغتهم يدور على معنى الاتساع والكثرة، فمنه قولهم: "أمجد الدابةَ عَلَفًا"، أي: أَوْسعها عَلَفًا، ومنه: مَجُد الرجل فهو ماجد، إذا كَثر خيره وإحسانه إلىَ الناس قال الشاعر (٢):

أنتَ تكون ماجدٌ نبيلُ ... إذا تهبُّ شمْال بليلُ

ومنه قولهم: "في كلِّ شَجَرِ نارٌ، واسْتَمْجَد المَرْخُ والعَفَارُ" (٣)، أي: كثرت النار فيهما.

ومن حيث (٤) اعتبار الخبر نفسه ينشأُ التقسيم إلى الثناء والحمد، فإن الخبر عن المحاسن إمَّا مُتكرِّر (٥) أَوْ لا، فإن تكرَّر فهو الثناء، وإن لم يتكرر فهو الحمد، فإن الثناءَ مأخوذٌ من الثني وهو العطف، وردُّ الشيءِ بعضه على بعض، ومنه: ثنيتُ الثوبَ، ومنه: التثنية في الاسم، فالمثْنِي مُكرِّر لمحاسن من يُثْني عليه مرةً بعد مرة.


(١) من قوله: "أو من ... " إلى هنا ساقط من (ق).
(٢) هى: فاطمة بنت أسد، والبيت من شواهد ابن مالك في "شرح الكافية": (١/ ٤١٣) وذكره البغدادي في "الخزانة": (٩/ ٢٢٥ - ٢٢٦) ضمن أبيات.
(٣) أنظر: "مجمع الأمثال": (٢/ ٤٤٥ - ٤٤٦).
والمَرْخ والعَفَار نوع من الشجر يُسْرع الاشتعال، والمثل يضرب في تفضيل بعض الشي على بعض.
(٤) (ق): "ومنه".
(٥) (ق): "إما أن يقع شكرًا ... ".