للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالتعريف متضمِّن للدلالة على أن مقصوده من الردِّ مثل ما ابتدئ به: وهو هو بعينه، (ظ/١١٥ أ) فكأنه قال: ذلك السلام الذي طلبته لي مردود عيك وواقع عليك، فلو أتى بالرد منكَّرًا لم يكن فيه إشعارًا بذلك؛ لأن المعرَّف وإن تعدد ذكره (ق / ١٥١ ب) واتحد لفظه، فهو شيءٌ واحد، بخلاف المنكَّر، ومن فَهِم هذا فَهِم معنى قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لَنْ يَغْلِب عُسْر يُسْرَيْن" (١) فإنه أشارة إلى قوله تعالى: {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (٥) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (٦)} [الشرح: ٥، ٦] فالعُسْر وإن تكرر مرتين فتكرَّرَ بلفظ المعرفة فهو واحد، واليُسْر تكرَّر بلفظ النكرة فهو يُسْران، فالعُسْر محفوف بيسْرَين، يُسر قبله ويُسْر بعده، فلن يغلب عُسْر يُسْرَين.

وفائدة ثانية: وهي أن مقامات رد السلام ثلاثة: مقام فَضْل، ومقام عَدْل، ومقام ظُلْم، فالفضل: أن يرد عليه أحسن من تحيَّته، والعدل: أن يردَّ عليه نظيرها، والظلم: أن تبخسه حقَّه وتنقصه منها، فاختير للراد أكمل (٢) اللفظتين، وهو المعرَّف بالأداة التي تكون: للاستغراق والعموم كثيرًا ليتمكَّن من الإتيان بمقام الفضل.


(١) أخرجه ابن مردويه من حديث جابر مرفوعًا بسندٍ ضعيف، وأخرجه سعيد بن: منصور، وعبد الرزاق في "تفسيره": (٢/ ٣٨٠)، وابن جرير: (١٢/ ٦٢٨)، من حديث ابن مسعود، وسنده ضعيف أيضًا.
وأخرجه عبد الرزاق في "التفسير": (٢/ ٣٨٥)، والطبري: (١٢/ ٦٢٨)، والحاكم في "المستدرك": (٢/ ٥٢٨)، عن الحسن مرسلًا، وهو صحيح إلى الحسن.
وقد روي من طرقٍ أخرى موقوفًا ومرسلًا.
انظر: "فتح الباري": (٨/ ٥٨٢ - ٥٨٣)، و"تعليق التعليق": (٤/ ٣٧٢)، و"الدر المنثور": (٦/ ٦١٦ - ٦١٧)، و"كشف الخفاء": (٢/ ١٩٥).
(٢) (ق): "أجمل".