للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والكَسَل والجُبْنِ والبُخْلِ وضَلَعِ الدَّيْنِ وغَلَبَةِ الرِّجَالِ" (١)، فاستعاذ من ثمانية أَشياء كل اثنين منها قرينان، فالهم والحزن قرينان، [وهما] من آلام الرُّوح ومعذباتها، والفرق بينهما أن الهمَّ تَوَقُّعُ الشر في المستقبل، والحزن التَّألُّم على حصول المكروه فِي الماضي أو فوات المحبوب، وكلاهما تألُّمٌ وعذابْ يَرِدُ على الروح، فإنْ تَعَلَّقَ بالماضي سُمِّي حزنًا، وإن تعَلَّق بالمستقبل سُمِّي همًّا.

والعجز والكسل قرينان، وهما منْ أسباب الألم؛ لأنهما يستلزمان فوات المحبوب، فالعجز يستلزم عدمَ القدرة، والكسلُ يستلزمُ عدم إرادته، فتتألمُ الرُّوح لفواته بحسب تعلُّقها به، والتذاذها بإدراكه لو حصل.

والجبنُ والبخل قرينانِ؛ لأنهما عدمُ النفع بالمال والبَدَن، وهما من أسباب الألم، لأن الجبان تفوتُهُ محبوبات ومفرحات وملذوذات عظيمة لا تُنال إلَّا [بالبَذْل والشجاعة] (٢) فالبخل يحولُ بينه وبينها أيضًا، فهذان الخُلُقان من أعظم أسباب الآلام.

وضَلَع الدَّيْن وقَهْر الرجال قرينان، وهما مؤلمان للنفس معذبان لها؛ أحدُهما قهر بحق وهو ضَلَع الدَّيْن. والثاني قهر بباطل هُو غَلَبَةُ الرجال، وأيضًا فضَلَعُ: الديْن قهرٌ بسبب من العبد في الغالب، وغلبة الرجال قهر (٣) بغير اختياره.


(١) أخرجه البخاري رقم (٢٨٩٣) ومسلم رقم (٢٧٠٦) من حديث أنسٍ -رضي الله عنه-.
(٢) (ق): "بالشجاعة والإقدام" مع تكرار، و (ظ ود): "بالبذل والسخاء".
(٣) (ق): "فهي".