للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على مساعدٍ على سلوكِ هذه الطريق، واستفتاحِ هذا الباب، والإفضاء إلى ما وراءَه ولو بشَطْر كلمة؛ بل والهفاه على من لا يتصدَّى لقطع الطريق، والصَّدِّ عن هذا المطلب العظيم، ويَدَع المَطِي وَجَادَّتها، ويعطي القَوْسَ باريها، ولكن إذا عَظمَ المطلوب قلَّ المساعد وكَثرُ المعارض والمعاند، وإذا كان الاعتماد على مجرَّد مواهب اللهِ وفضله، ويعينه (١) ما يتحمله المتحمل من أجله، فلا [يَثْنِكَ شَنآنُ] (٢) من صدَّ عن السبيل وصَدَف، ولا تنقطع مع من عَجَزَ عن مواصلة السُّرى ووقف، فإنما هى مُهْجة واحدة، فانظر فيما تجعل تَلَفها، وعلى من تحتسب خَلَفها.

أنتَ القتيلُ بكلِّ (٣) مَنْ أَحْبَبْتَه ... فانظرْ لنفسِكَ في الهوى مَنْ تَصْطَفِي (٤)

وأنفق أنفاسك فيما شئتَ، فإن تلك النفقة مردودة بعينها عليك، وصائرة لا سواها إليك، وبين العبد وبين السعادة والفلاح صَبْر ساعةٍ لله، وتحمُّل مَلامة في سبيل الله.

ومَا هِيَ إلا ساعَةٌ ثم تنقضي ... ويَذهبُ هذا كُلُّهْ ويزولُ

وقد أطلنا ولكن ما أمللنا، فإن قلبًا فيه أدنى حياة يهتزُّ إذا ذُكِر الله ورسوله، ويود أن لو كان المتكلِّم كلُّه أَلْسِنةً تالية، وأن السامعَ كله آذان واعية، ومن لم يجد قلبه ثَمَّ، فليشتغل بما يُناسِبُه، فكُلٌّ ميسَّر لما خُلِق له، وكل يعمل على شاكِلته.


(١) كذا في الأصول، و"المنيرية": "يغنيه"، ومعناها غير ظاهر، ولعلها: "وفضله [يهون] ما ... ".
(٢) غير مُحررة في الأصول، والمثبت من "المنيرية".
(٣) (ق): "بحب"، والرواية في "الديوان": "بأي".
(٤) البيت لابن الفارض، "ديوانه": (ص/ ٩٠).