للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا فائدة في ذكره مع الفعل إلا أن تريد التوكيد أو تبيين النوع منه، وإلا فلفظ الفعل مُغْنٍ عنه، ثم دلالة الفعل على الفاعل أقوى من دلالته على المفعول به من وجهين:

أحدهما: أنه يدلُّ على الفاعل بعمومه وخصوصه، نحو: "فَعَل زيد"، و"عَمِل عَمْرو". وأما الخصوص فنحو: "ضربَ زيد عَمْرًا"، ولا تقول: "فعل زيد عَمْرا"، إلا أن يكون الله هو الفاعل سبحانه.

والوجه (ق / ١٣١ أ) الآخر: أن الفعل هو حركة الفاعل، والحركة لا تقوم بنفسها، وإنما هي متصلة بمحلها، فوجبَ أن يكون الفعلُ متصلا بفاعله لا بمفعوله، ومن ثمَّ [قالوا "ضربت"، فجعلوا ضمير الفاعِل كبعض حروف الفعل، ومن ثم] (١) قالوا: "ضرْب زيد لعمرو"، و"ضرْب زيدٍ عَمْرًا"، فأضافوه إلى المفعول باللام تارة وبغير لام أخرى، ولم يضيفوه إلى الفاعل باللام أصلا؛ لأن اللام تؤذن بالانفصال (ظ/٩٩ ب)، ولا يصح انفصال الفعل عن الفاعل لفظًا، كما لا ينفصل عنه معنى".

قلت (٢): وفي صِحَّة قوله: "ضرْب زيد لعَمْرو" نظر، والمعروف الإتيان بهذه اللام إذا ضَعُف الفعل بالتأخير، نحو قوله تعالى: {إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ (٤٣)} [يوسف: ٤٣] أو كان اسمًا نحو: "أنا ضارب لزيد أو: "يعجبني ضربُك لزيد"، لضعف العامل (٣) في هذه المواضع دُعِّم باللام، ولا يكادون يقولون: "شربت للماء"،


(١) ما بين المعكوفين ساقط من الأصول، والاستدراك من "النتائج".
(٢) الكلام لابن القيم -رحمه الله-.
(٣) (ق): "لضعفت العوامل".