للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

و"أكلت للخبز" (١).

قال: "فإن قيل: فإن الفعل لا يدل على الفاعل معينًا، ولا على المفعول معينا، وإنما يدل عليهما مطلقًا؛ لأنك إذا قلت: "ضرب" لم يدل على "زيد" بعينه، وإنما يدل على "ضارب"، وكذلك "المضروب". وكان ينبغي أن لا يعمل حتى تقول: "ضرَبَ ضاربٌ مضروبًا"، بهذا اللفظ، لأن لفظ "زيد" لا يدل عليه لفظ الفعل ولا يقتضيه.

قيل: الأمر كما ذكرت، ولكن لا فائدةَ عند المخاطب في الضارب المطلق، ولا في المفعول المطلق؛ لأن لفظ الفعل قد تضمنهما، فوضعَ الاسم المعين مكان الاسم المطلق تبيينا له، فعَملَ فيه الفعل، لأنه هو هو (٢) في المعنى، وليس بغيره".

قلت (٣): الواضع لم يضع هذه الألفاظ في أصل الخطاب مقتضية فاعلا مطلقا ومفعولا مطلقًا، وإنما جاء اقتضاءُ المطلقِ من العقل لا من الوَضْع، والواضع إنما وضعها مقتضيات لمعيَّن من فاعل ومفعول طالبة له، فما لم يقترن بها المعيَّن كان اقتضاؤها وطلبها بحاله؛ لأن الإخبار والطلب إنما يقعان على المعيَّنِ.

فإن قيل: فلو كانت قد وُضِعت مقتضيةً لمعيَّن لم يصح إضافتها إلى غيره، فلما صحَّ نسبتها وإضافتها إلى كلِّ معيَّن عُلِم أنها وضعت مقتضية للمطلق.

قيل: الفرقُ بين المعيَّن على سبيل البدل، والمعيَّن على سبيل


(١) (ق): "الماء ... الخبز".
(٢) "هو" الثانية ليست في (ظ ود).
(٣) الكلام لابن القيم -رحمه الله-.