للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عَلَيَّ أن أعتبك وأرضيك بطاعتك، فأفعل ما ترضى به عنِّي، وما يزول به عتبك عليَّ، فالعتب منه على عبده، والعتبي والإعتاب له من عبده (١)، فهاهنا أربعة أمور:

الأول: العتب، وهو من الله تعالى، فإنَّ العبد لا يعتب على ربِّه، فإنه المحسن العادل، فلا يتصوَّر أن يعتب عليه عبده إلَاّ والعبد ظالمٌ، ومن ظن من المفسِّرين خلاف ذلك فقد غلط أقبح (٢) غلطٍ.

الثاني: الإعتاب، وهو من الله ومن العبد باعتبارين، فإعتابُ الله عبده إزالة عتب نفسه عن عبده، وإعتاب العبد ربَّه إزالة عتب الله عليه، والعبد لا قدرة له على ذلك إلَاّ بتعاطي الأسباب التي يزول بها عتب الله تعالى عليه.

الثالث: الاستعتاب، وهو من الله إيضًا ومن العبد بالاعتبارين، فاللهُ تعالى يستعتب عباده، أي: يطلب منهم أن يعتبوه، ويزيلوا عتبة عليهم، ومنه قول ابن مسعود -وقد وقعت الزَّلزلة بالكوفة-: "إن ربكم يستعتبكم فأعتبوه" (٣)، والعبد يستعتب ربَّه، أي: يطلب منه إزالة عتبه.

الرابع: العتبي، وهي اسم الإعتاب.

فاشدد يديك بهذا الفصل الذي يعصمك من تخبيط كثيرٍ من المفسدين لهذه المواضع.


(١) (ق وظ): "عنده".
(٢) (ق): "أخس".
(٣) ذكره ابن جرير في "تفسيره": (٨/ ١٠٠) بصيغة التمريض، وأخرج ابن أبي شيبة: (٣/ ٢٢١) عن شهر بن حوشب مرسلًا أن المدينة زلزلت في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "إن ربكم يستعتبكم فأعتبوه".