للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومنه قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا يتمنَّينَّ أحدكم الموت لضرٍّ نزل له، فأمَّا محسنٌ فلعلَّه أن يزداد، وإما مسيءٌ فلعلَّه أن يستَعتِب" (١) أي: يطلب من ربِّه إعتابه إيِّاه بتوفيقه للتَّوبة وقبولها منه، فيزول عتبهُ عليه.

والاستعتاب نظير الاسترضاء، وهو طلب الرِّضى، وفي الأثر: إنَّ العبد ليسترضى ربَّه (ق/٣٨٦ أ) فيرضى عنه، وإن الله ليسترضي فيرضى.

لكنِّ الاسترضاء فوق الاستعتاب، فإنه طلب رضوان الله، والاستعتاب طلب إزالة غضبه وعتبه، وهما متلازمان.

رجعنا إلى (استطاع): وفيها خمس (٢) لغات، هذه إحداها.

الثانية: اسطاع، بحذف تاء الافتعال تخفيفًا ومنه قوله تعالى: {فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ} [الكهف: ٩٧].

الثالثة، اصطاع، بالصَّاد، وفيه أمران؛ أحدهما: حذفُ التاء،

والثاني: إبدال السين صادًا لأجل مجاورتها الطاء.

الرابعة (٣) اسطَّاع، بإدغام التاء (٤) في الطَّاء، وهو إدغامٌ على خلاف القياس؛ لأنَّ فيه التقاء السَّاكنين على غير حدِّهما.

الخامسة: أسطاع، بفتح الهمزة وقطعها وهي أشكَلُها، فقال سيبويه (٥): السين عوضٌ عن ذهاب حركة العين؛ لأن أصله "أطوع"


(١) أخرجه البخاري رقم (٥٦٧٣) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-.
(٢) (ق وظ): "أربع" وهو خطأ.
(٣) (ق وظ): "الثالثة" وما بعدها "الرابعة" وهو وهم.
(٤) (ق وظ): "السين"!.
(٥) انظر: "سر صناعة الإعراب" (١/ ٢٠٠ - ٢٠١)، و"اللسان": (٨/ ٢٤٢ - ٢٤٣)، وفيهما تعقُّب المبرّد.