فنقِلَت فتحه الواو إلى الطاء، ثم أُعلَّ بقلب واوه ألفا لتحرُّكها أصلًا وانتفاح ما قبلها لفظًا، فزيدت السين عوضًا من ذهاب حركة العين.
وتعقب المبرِّد هذا على سيبويه، وقال: إنما يعوَّض من الشيء إذا فقد وذهب، فأما إذا كان موجودًا في اللفظ فلا، وحركة العين منقولةٌ إلى الفاء فلم تعدم.
وأجيب عن هذا: بأنَّ العين لما سكنت وهنت وتهيَّأت للحذف عند سكون اللام، نحو: لم يطع وأطعت، فلو بقيت حركتها فيها لما تطرَّق إليها الحذف، بل كنت تقول: لم يطوع وأطوعت، فزيدت السين ليكون عوضًا من هذا الإعلال المتضمِّن لثلاثة أمور: نقل حركة المتحرِّك، ووهنه بالسكون، وتعريضه للحذف عند سكون ما بعده، فجبروا هذا الإعلال هذا بزيادة السين في أوله.
ونظير هذا سواء قولهم: إهراق، فإنَّ أصله "أراق" فقلبت عينُه ألفًا بعد تسكينها، فصارت عرضةً للحذف، كقولك: لم يُرق وأرقت، فأُعلَّ بالنَّقل والقلب والحذف، فعوِّضت الهاء في أوله جبرًا لإعلالِه، وأما "أراق" فعلى الأصل، وأما "هراق"(ظ/٢٦٦ أ) فعلى إبدال الهمزة هاءً لمجاورتها في المخرج.
ونظيره -أيضا- قولهم: اهراح في أراح يريح، هذا قول البصريِّين.
وقال الفرَّاء: أصله "استطاع"، ثم حذفوا التاء، فعوِّضوا منها فتحَ الهمزة وقطعها، وهذا الذي قاله أقلُّ عملًا وأبعد من التَّكلُّف.
وردَّ عليه بأنهم قالوا:"اسطاع" بكسر الهمزة ووصلِها مع حذف التاء، فلو كان حذف (ق/٣٨٦ ب) التاء يوجب الفتح والقطع لما عدلوا عنه، وهذا ظلم للفرَّاء، فإنه لم يدَّعِ لزوم ذلك، وإنما ذكر ان هذا