للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

و"الكبير" (١) يكون صفة للمحسوسات، وصفة للمعقولات، وهو من أسماء الرب -تعالى-، وقد تقدس عن مشابهة الأجسام، ومضاهاة الأنام، فالمضاف (٢) إليه من هذه المعاني معقولة غير محسوسة.

وإذا ثبت هذا فالصلاة -كما قلناه-، حنوّ وعطف، من قولك: "صليت" أي: حنيت [صَلَاك] (٣): وعطفته، فأخلِق بأن تكون الرحمة صلاة، كما (٤) تُسمَّى عطفًا وحنوًّا، تقول: "اللهم اعطف علينا"، أي: ارحمنا، قال الشاعر (٥):

وَمَا زِلْتُ في لِيْني لَهُ وَتَعَطُّفي ... عَلَيه كما تَحْنُو على الوَلَدِ الأُمُّ

ورحمة العباد: رقة في القلب، إذا وجدها الراحم من نفسه انعطفَ على المرحوم وانثنى عليه، ورحمة الله للعباد جود وفضل، فإذا صلى عليه فقد أفْضَل عليه وأنعَم.

وهذه الأفعال إذا كانت من الله، أو من العبد؛ فهي متعدية بعلى، مخصوصة بالخير، لا تخرج عنه إلى غيره، فقد رجعت كلها إلى معنى واحد، إلّا أنها في معنى الدعاء والرحمة صلاة معقولة، أي: انحناء معقول غير محسوس، ثمرته من العبد الدعاء؛ لأنَّه لا يقدر على أكثر منه، وثمرته من الله الإحسان والإنعام، فلم تختلف الصلاة


(١) في الأصول: "الكثير"، والمثبت من "النتائج".
(٢) (ق ود): "فما يضاف"، وما ذكره السهيلي هنا فيه نظر؛ لأنَّ كون الصفة محسوسة أو غير محسوسة من الألفاظ المجملة التي لم ترد عن السلف، مثل لفظ (الجسم والحيز والجهة) فلابد من التفصيل فيها، فإن أُريد به المعنى الصحيح قُبِل وإن أُريد به المعني الباطل رُدَّ، انظر "منهاج السنة" (٢/ ٣٤ - ٣٥).
(٣) (ق): "صلاتك" وهو خطأ، والمثبت من "النتائج".
(٤) من قوله: "قلناه حنو وعطف .... " إلى هنا سقط من (ظ ود) وهو انتقال نظر، والاستدراك من (ق) و"النتائج".
(٥) البيت لمعن بن أوس من قصيدة له، انظر: "زهر الآداب": (٣/ ٢٤٦) للحُصْري.