للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأُجيب عنه أيضًا: بأن البَدَل في الاستثناء قسم على حِدَتِهِ، ليس من تلك الأبدال التي تثبت (١) في غير الاستثناء.

وأُجيبَ عنه أيضًا: بأن البَدَل في الاستثناء إنما المُراعَى فيه وقوعُه مكان المبدَل منه، فإذا قلت: "ما قَامَ أَحَدٌ إِلَاّ زَيْدٌ" فـ "إِلَاّ زَيْدٌ" هو البَدَل، وهو الذي يقعُ موقعَ "أحدٍ"، فليس "زيدٌ" وحدَه بَدَلاً من "أحد"، فـ"إلا زيْد" هو الأحد الذي نَفَيْت عنه القيامَ، فقولُك: "إِلَاّ زَيْدٌ" هو بيان الأحد (٢) الذي عَنَيْتَ، وعلى هذا فالبَدَلُ في الاستثناء أشبهُ ببَدَل الشيء من الشيء، من بَدَلِ البعضِ من الكلِّ.

وأما الإشكالُ الثاني فقال السِّيرافيُّ مجيبًا عنه: هو بَدَلٌ منه في عمل العامل فيه، وتخالفهما بالنفي والإيجاب لا يمنع البَدَلِيَّة؛ لأن مذهب البَدَل فيه أن يجعل الأوَّل كأنه لم يُذْكَر، والثاني في موضعه.

وقد تتخالفُ الصِّفةُ والموصوفُ نفيًا وإثباتًا، نحو: "مررتُ بِرَجُلٍ لا كَرِيمٍ ولا لَبيبِ ".

ومعنى هذا الجواب: أنه إنما يشترطُ في البَدَل أن يحلَّ محل الأوَّلِ في العامل خاصَّة، وأما أن يكون حكمُهما واحدًا فلا.

وأما القولُ الكوفيُّ: إنه عطف، فإنهم جعلوا "إلَاّ" من حروف العطف في هذا الباب خاصَّة، والحاملُ لهم على ذلك وجود المخالفة المذكورة.

قال ثعلب: كيف يكون بَدَلاً وهو موجبٌ ومتبوعه منفىٌّ، والعطفُ


(١) غير بيّنة في (ظ)، وفي (ع): "تبينت" والمثبت من (ق).
(٢) كذا في (ق وظ)، وفي (ع): "مقويتان للأخذ ... "!.