للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الخُدْري: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم حُنَيْن بعث جيشًا إلى أوطاس، فلقي عدُوًّا فقاتلوهم، فظهروا عليهم، وأصابوا لهم سَبَايا، فكأن ناسًا من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - تحرَّجوا من غِشْيانهنْ من أجل أزواجهنَّ من المُشركينَ، فأنزل الله عز وجل في ذلك: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} أي: فهنَّ لكم حلالٌ إذا انقضتْ عِدَّتُهُن.

وفي التِّرمْذي (١) عن أبي سعيد: أَصَبْنا سبايا يوم أوطاس لهن أزواجٌ في قومهنَّ، فذكروا ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - , فنزلت: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} وهذا صريح في إباحتهنَّ، وإن كنَّ ذواتِ أزواجٍ.

وفى التِّرمذي (٢) و"مسند أحمد" (٣) من حديث العِرْبَاض بن سَارِيَةَ: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حَرَّمَ وطْءَ السَّبايا حتى يضعنَ ما في بطونهن"، فهذا التحريمُ إلى غاية, وهي: وَضْعُ الحمل، فلابُدَّ أن يحصلَ الحِلُّ بعد الغاية، ولو كان وجودُ أزواجهنَّ مانعًا من الوطء لكان له غايتان؛ إحداهما: عدمُ الزوج. والثانية: وضعُ الحمْل، وهو خلاف ظاهر الحديث.

قالوا: ولأن ملك الكافر الحربي البُضْعَ، لم يبقِ له حُرْمَةٌ ولا عِصْمة؛ إذ قد ملك المسلمون عليه ما كان يملكُهُ، فملكوا رقبةَ زوجته، فكيف يقال ببقاء (٤) العِصمة فى ملك البُضع، لا سيَّما والمسلم يستحق


(١) رقم (١١٣٢) وقال عَقِبه: "هذا حديث حسن".
(٢) رقم (١٥٦٤) واستغربه.
(٣) (٢٨/ ٣٨٤ رقم ١٧١٥٣). وفى سند حديث العرباض مقال، لكن له شواهد يقوّى بها تقدم بعضها.
(٤) (ع): "بقاء".