للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مع أبي في المسجد -يعني مسجدَ البصرة- فنظر إلى رجلٍ قائمًا يُصَلِّي، قد صفَّ بين قدميه، وأَلْزَقَ إحداهُما بالأخرى، فقال أبي: لقد أدركتُ في المسجد ثمانيةَ عَشَرَ من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما رَأَيْتُ أحدًا منهم صنَعُ هكذا (١) قطُّ.

ولأنه أمكنُ للقيام في الصَّلاة، وضَمُّ القدمين عند الانحدار للسُّجود أمكنُ للانحدار.

قال في رواية (ق/ ٢٤٠ أ) حرب وقد سأله: الرجلُ يصُفَّنَّ بين قدميه أحبُّ إليك، أو يعتمدُ على هذه مَرَّةً وعلى هذه مرّةً؟.

قال: يُرَاوِحُ بين قدميه أحبُّ إليَّ، يعتمدُ على هذه مَرَّةً، وعلى هذه مَرَّةً؛ لما روى الأعمشُ، عن المِنهال، عن أبي عُبَيْدَةَ قال: رأى عبدُ الله رجلاً يُصَلي صافًّا بين قدميه، فقال: لو رَاوَحَ هذا بين قدمه كان أفضلَ (٢).

ولأنه أَرْوَح للمُصَلِّي، وقد رفع النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - المَشَقَّة عن المصلِّي بقوله: "أَبْرِدُوا بالصَّلاةِ (٣)، وكان يتوقَّى بالثَّوب في الصَّلاة حرَّ الأرض وبَرْدَها (٤).


(١) أخرجه ابن أبي شيبة: (٢/ ١٠٩) بالإسناد نفسه.
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة: (٢/ ١٠٩) بالإسناد نفسه.
(٣) أخرجه البخاري رقم (٥٣٣)، ومسلم رقم (٦١٥) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-.
(٤) أخرج البخاري رقم (٣٨٥)، ومسلم رقم (٦٢٠) من حديث أنسٍ -رضي الله عنه- قال: "كنا نصلِّي مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في شدة الحر، فإذا لم يستطع أحدُنا أن يمكَّن جبهتَه من الأرض، بسط ثوبَه، فسجدَ عليه".
وأخرج الإمام أحمد: (٤/ ١٦٤ رقم ٢٣٢٠) وغيره: عن عكرمة عن ابن عباس: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلّى في ثوبٍ واحدٍ متوشِّحًا به، يتقّي بفضوله حرَّ الأرض وبَرْدَها. وفي سنده مقال.