للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن العجب قولهم: إنه إذا قهقَهُ في صلاته انتقضَ وضوؤُه، ولو غنَّى في صلاته، وَقَذَفَ المحصَنَاتِ، وأتى بأقبح السَّبِّ والفُحش؛ فوضوؤه بحاله لم يَنْتَقِضْ.

ومن العجب قولهم: إذا وقع في البئرِ نَجَاسَةٌ نُزِحَ منها أدْلَاءٌ معيَّنة، فإذا حصل الدَّلْوُ الأوَّلُ فى البئر تنجَّس وغرف الماء نجسًا، فما أصاب حيطانَ البئر منه نَجَّسَها، وكذلك ما بعدَهُ من الدِّلاء إلا الدَّلْو الأخير فإنه ينزلُ نَجِسًا ثم يصعدُ طاهرًا يقشقِشُ النَّجَاسَةَ من البئرِ!!

قال الجاحظ (١): ما يكون أكرمَ أو أعقلَ من هذا الدَّلو.

[ومن العجب قولُهم: لو حَلَفَ لا يأكلُ فاكهةً حَنَثَ بأكلِ الجَوْزِ، ولو كان يابسًا منذُ سنين، ولا يحنَثُ بأكلِ الرُّطَبِ والعِنَب والرُمَّان (٢).

وأعجب من ذلك: تعليلُهم بأن هذه الثلاثة خيارُ الفاكهة، فلا تدخلُ في الاسم المطلق، ذكرَ الحكمَ والدليلَ [الإسبِيْجَابي] (٣) في "شرح الطَّحَاوي" (٤).


(١) في (ع وظ): "الحافظ"، والمثبت من (ق)، ويؤيده ما في "إعلام الموقعين": (٣/ ٣٢٧): "قال بعض المتكلمين" والجاحظ منهم، وقد نسب هذا القول له أبو الخطاب في "الانتصار": (١/ ٢٣٤)، وابن العربي في "العارضة": (١/ ٨٦)، ولعله ذكره في كتاب "الحيوان".
(٢) انظر: "بدائع الصنائع": (٣/ ٦١).
(٣) تحرف فى المطبوعات إلى: "الأسماقي"! و (ق): "الاستجا"! وهو: أحمد بن منصور أبو نصر الإسْبِيْجابي -نسبةً إلى إسْبِيْجاب بكسر الهمزة وسكون السين المهملة وكسر الباء الفَارسية وسكون الياء المثنَّاة التحتية وفتح الجيم بعده ألف بعده باء- ت (نحو ٤٨٠) له "شرح مختصر الطحاوي". انظر "تاج التراجم": (ص/ ١٢٦)، و"الفوائد البهية": (ص/ ٤٢).
(٤) له نسخة فى الظاهرية، وعنها فلم في جامعة الملك سعود رقم ١١٢٨/ ٦ ف.