للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أن يقول: "أنت طالق"، وليس هذا تحريمًا، فإنّ التحريم والتحليل ليس إلى المكلف، وإنَّما إليه أسبابهما، وليس المراد بالأمر: أخبروا عن طلاقهنَّ، وإنما المراد إنشاء أمر يترتب عليه تحريمهن، ولا نعني بالإنشاء إلا ذلك.

ولقائل أن يقول: المأمور به هو السبب الَّذي يترتب عليه الطلاق.

فهنا ثلاثة أمور: الأمر بالتطليق، وفعل المأمور به وهو: التطليق. والطلاق وهو: التحريم الناشئ عن السبب. فإذا أتى بالخبر عما في نفسه من التطليق فقد وفَّى الأمرَ حقه وطلقت.

وسادسها: أنَّ الإنشاء هو المتبادر إلى الفهم عرفًا. وهو دليل الحقيقة، ولهذا لا يحسن أن يقال فيه: صدقى أو كذب، ولو كان خبرًا لحسن (١) فيه أحدهما.

وقد أجيب عن هذه الأدلة بأجوبة أُخَر:

فأجيب عن الأول: بأنَّ الشرع قدَّر تقدم مدلولات هذه الأخبار قبل التكلم بها بالزمن الفرد، ضرورة الصدق (٢)، والتقديرُ أولى من النقل.

وعن الثاني: أن الدور غير لازم، فإنّ هنا ثلاثة أمور مترتبة (٣): فالنطق باللفظ لا يتوقف علي شيء، وبَعْده تقدير تقدم المدلول على اللفظ، وهو غير متوقف عليه في التقدير، وإن توقف عليه في الوجود،


(١) (د): "يحسن".
(٢) كذا في (ظ وق)، وفي (د): "بالزمن بالفرد بضرورة".
(٣) (ق ود): "مرتبة".