للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عند انتفائه، كانتفاع المدلول لانتفاء دليله وعلاماته، ولا يقال: لا يلزم من نفي الدليل نفي المدلول، فإنّ هذا لازم في الشرعيات، لأنَّها إنّما ثبتت بأدلتها، فأدلتها أسباب ثبوتها.

وأما السادس: فهو أقواها، وقد قيل: إنه لا يمكن الجواب عنه إلا بالمكابرة، فإنا نعلم بالضرورة أن من قال لامرأته: "أنت طالق"، لا يحسن أن يقال له: صدقت ولا كذبت، فهذه نهاية أقدام الطائفتين في هذا المقام.

وفصل الخطاب في ذلك: أنّ لهذه الصِّيَغ [نسبتين] (١)؛ نسبة إلى متعلقاتها الخارجية، فهي من هذه الجهة إنشاءات محضة كما قالت الحنابلة والشافعية، ونسبة إلى قصد المتكلم وإرادته، وهي من هذه الجهة خبر عما قصد إنشاءه كما قالت الحنفية، فهي إخبارات بالنظر إلى معانيها الذهنية، إنشاءات بالنظر إلى متعلقاتها الخارجية، وعلى هذا فإنّما لم يحسن أن يقال (٢) بالتصديق والتكذيب، -وإن كانت أخبارًا-؛ لأنّ متعلِّق التصديق والتكذيب النفي والإثبات، ومعناهما مطابقة الخبر لمخْبَره، أو عدم مطابقته، وهنا المخبر حصل بالخبر حصول المسبب بسببه، فلا يتصور فيه تصديق ولا تكذيب، وإنّما يتصور التصديق والتكذيب في خبر لم يحصل مخْبَره ولم يقع به كقولك: "قام زيد"، فتأمَّلْه.

فإن قيل: فما تقولون في قول المظاهر: "أنتِ عَلَيَّ كظَهْر أُمي"، هل هو إنشاء أو إخبار؟


(١) في النسخ: "نسبتان".
(٢) (ق): "يقابل".