للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عُمر (١) وهو يصلي، فخفَّفَ ثم سلَّم، وأقبل إليّ، ثم قال: "إن حقًّا عليَّ أو سُنَّة إذا جلس الرجلُ إلى الرجل وهو يصلِّي التَّطَوُّعَ أن يخفِّفَ ويقبلَ إليه".

* وذكر أيضًا (٢) عن ابن عباس قال: "ما مِنْ يومٍ إلا وليلَتُهُ قَبْلَهُ إلا يومَ عَرَفَةَ فإن ليْلَتَهُ بعدَهُ".

قلت: هذا مما اختُلف فيه، فحُكِي عن طائفة: أن ليلة اليوم بعده، والمعروف عند الناس أن ليلة اليوم قبله، ومنهم من فصَّل بين اللَّيلة المضافة إلى اليوم، كليْلة الجمعة والسبت والأحد وسائر الأيام، والليلة (٣) المضافة إلى مكان أو حال أو فعل، كليْلة عرفة وليلة النَّفْر، ونحو ذلك، فالمضافةُ إلى اليوم قبلَه، والمضافة إلى غيره بعدَه، واحتجُّوا بهذا الأثر المرويِّ عن ابن عباس، ونُقِض عليهم بليلة العيد، والذي فهمه الناس قديمًا وحديثاً من قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا تَخُصُّوا يَوْمَ الجُمُعَةِ بصِيَامٍ منْ بَيْنِ الأيَّامِ، وَلا لَيْلَةَ الجُمُعَةِ بقِيَامٍ مِنْ بَيْنِ اللَّيَالِي" (٤) إنها الليلةُ التي تُسفِرُ صبيَحتُها عن يوم الجمعَة، فإن الناس يُسارعونَ إلى تعظيمها، وكثرة التعبُّد فيها عن سائر اللَّيالي، فنهاهم - صلى الله عليه وسلم - عن تخصيصها بالقيام، كما نهاهم عن تخصيص يومِها بالصيام، والله أعلم.

* قال أبو عبد الله الحاكم في كتابه "الجامع لذكر أئمة الأمصار، المُزَكِّين لرواة الأخبار": سمعت أبا تراب المذكِّرَ يقول: سمعت


(١) في الأصول: "عَمرو" وفي المطبوعات والمجالسة: "عُمر".
(٢) في "المجالسة" (٢/ ٣٧٢ رقم ٥٤٠) مسندًا.
(٣) (ع): "الليالى".
(٤) أخرجه البخاري رقم (١٩٨٥) ومسلم رقم (١١٤٤) من حديث أبي هريرة - رضى الله عنه-.