للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

* آخر:

سأُتعِبُ نفسي أو أصادفُ راحةً ... فإن هوانَ النفسِ أكرم للنَّفسِ (١)

* يا من هو من أرباب الخبرة هل عرفت قيمة نفسك؟ إنما خُلقت الأكوانُ كلُّها لك، يا مَنْ غُذِي بِلِيان البِرِّ، وقُلِّبَ بأيدي الألطاف، كلُّ الأشياءِ شجرةٌ وأنْت الثمرة، وصورةٌ وأنت المعنى، وصَدَفٌ وأنت الدّرُّ، ومَخيضٌ وأنت الزُّبْدُ، منشورُ اختيارنا لك واضحُ الخَطِّ، ولكنَّ استخراجَكَ ضعيفًا، (ق/ ٢٨٨ ب) متى رُمْتَ طلبي فاطلبني عندَك.

ويْحَكَ لو عَرَفتَ قَدْرَ نفسِكَ ما أهَنْتها بالمعاصي، إنَّما أبْعَدْنَا إبليسَ لأنَّه لم يسجُدْ لك وأنت في صُلْب أبيك. فواعجبًا كيف صالحْتَهُ وتَرَكْتَنَا، {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا (٥٠)}.

لو كان في قلبكَ محبَّةٌ لبان أثرُها على جسدِكَ، "عَجِبَ رَبُّنا من رجل ثَار عن وِطائه ولِحافِه إلى صلاته" (٢) تأمل معنى: ثَارَ، ولم يقلِ: قَامَ؛ لأن القيام قد يقعُ بفُتور. فأما الثَّوَرانُ فلا يكونُ إلَّا بإسراع حَذَرًا من فائت (٣).


(١) البيت في "المدهش" (ص/ ٣٤٢) في أبيات أخرى.
(٢) قطعة من حديث أخرجه أحمد: (٧/ ٦١ رقم ٣٩٤٩)، وأَبو داود رقم (٢٥٣٦)، وابن حبان الإحسان": (٦/ ٢٩٧) من حديث ابن مسعود -رضي الله عنه- وسنده جيد، إلَّا أنَّ الدارقطني قد أعله بالوقف كما في "العلل": (٥/ ٢٦٧).
(٣) من قوله: "يا من هو ..... " إلى هنا بنحوه من "المدهش": (ص / ٣٤٠ - ٣٤١)، وانظر: "الفوائد": (ص/ ١٤٧) للمصنف.