للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والهُوْن في ظلِّ الهوينا كامنٌ .... وجلالةُ الأَخْطار في الإِخْطار (١)

* مياه المعاني مخزونةٌ في قلب العالِمِ يفتحُ منها للسَّقي سَيْحًا بعد سَيْح، ويدَّخِرُ أصفاها لأهل الصَّفاء، فإذا تكاثَرَتْ عليه نادى: للسبيل فيبقى علمُه سَيْحًا، ولهذا تَتَضاعفُ عليه زكاةُ الشكر.

كل وقت تسافر بضائعُ فكرِه من مدينة قلبه إلى قلوب الطالبين، فينادى عليها دلَّال لسانه، وهو يعرضها في مواسمِ النُّصحِ على تجَّار الطلب والإرادة: مَنْ يشتري حكمةً وعلمًا بتخيير الثمن (٢)، فيا مَنْ يرى عُلُوَّ تلك المرتبة لا تنسَ الدَّرجَ.

كم خاضَ بحرًا مِلْحًا حتَّى وقع بالعَذْب، وكم تاهَ في مَهْمَهٍ قفرٍ حتَّى سمِّي بالدليل، وكم أَنْضَى مراكبَ الجسم ورفضَّ شَهَوات الحِسِّ وواصلَ السُّرَى (ظ / ٢٠٥ أ) ليلًا ونهارًا، وأوقد نارَ الصبر في دياجى الهوى، فإن وثِقْتم بأمانَتِهِ فهذا تخيير الشِّرَاءِ (٣).

* الدنيا تُفَوِّق سهامَها نحو بنيها وتقول: خذوا حِذْرَكم، فلهذا دَمُ قتيلها هَدَر (٤).

* غاب الهدهدُ (ق/٢٩٣ ب) عن سليمانَ ساعةً فتواعده، فيا مَنْ


(١) البيت لأبي الحسن التِّهامي من قصيدته المشهورة فى رثاء ابنه أبي الفضل "ديوانه": (ص/ ١٥٧)، وهو في "المدهش": (ص/ ٥٠٧) ووقت في الأصول تحريفات أصلحناها.
(٢) "المدهش": "حكمةً بقبول".
(٣) من قوله: "ليس العالم شخصًا ... " إلى هنا من "المدهش": (ص / ٥٠٧ - ٥٠٨). والكلمة الأخيرة في الأصول: "السرى" والمثبت من "المدهش".
(٤) نحوه في "المدهش": (ص/ ٥٠٩).