للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فابعثْ رائدَ الانكسار خلْفَها تجدْهُ "عندَ المُنْكسرة قلوبُهم".

* اللطفُ مع الضعف أكثرُ فتضاعفْ ما أمْكَنَكَ.

لما كانْتِ الدجاجةُ لا تحنو على الولدِ أُخُرِجَ كاسِيًا (١)، ولما كانتِ النملةُ ضعيفَةَ البصر أُعِينَتْ بقوَّة الشَّمِّ فهي تجدُ ريح المطعوم من البعد، ولما كانت الخُلْدُ (٢) عمياءَ، أُلهِمَتْ وقتَ الحاجَةِ إلى القوت أن تفتحَ فاها، فيبعث إليها الذباب فيسقط فيه فتناول منه حاجتها.

الأطيار تَتَرَنَّمُ طولَ النهار، فقيلَ للضِّفْدَع: ما لك لا تَنْطِقِينَ؟ فقالت: معَ صوتِ الهَزَار (٣) يُستبشعُ صوتي، ولكن الليلَ أجملُ بي.

* لا تنسَ العِنَايَةَ بالسحرة، جاءوا يحاربونَه ويحَاربون رسُلَه، وخِلَعُ الصُّلْحِ قد فصِّلَتْ، وتيجانُ الرِّضى قد رُصِّعت، وشراب الوصال يروقَ، فَمَدُّوا أيديَهم إلى ما اعتصروا من خَمرة الهوى، فإذا بها قد انقلبت خَلًّا فأفطروا عليه فسَكِروا بشراب المحبَّةِ، فلما عَرْبَدَتْ عليهم المحبَّة صُلبوا في جذوع النخل.

واعجبًا لعَزَمات ما ثنَاها {لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ} (٤).

* سجدوا له سجدةً واحدة فما رقعوا رؤوسَهم حتَّى رأوا منازلَهم من الجنة، فغلبهم الوجدُ وتمكَّنَ منهم الشوقُ، فقالوا: {فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (٧٢)}:


(١) ويحتمل أن تكون: "كاسبًا" بالوحدة.
(٢) ضرب من الجرذان أعْمَى.
(٣) هو: العندليب.
(٤) "المدهش": (ص/ ٤٥٠ - ٤٥١).