للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلو قال:

كأني لمْ أركبْ جوادًا ولم أقلْ ... لِخَيْلِيَ كُري كَرةً بعدَ إجْفَالِ

ولم أسْبَأِ الزقَّ الروِيَّ لِلَذَّة ... ولمْ أَتَبَطَّنْ كاعِبًا ذاتَ خَلْخَالِ

كان أَشْبَهَ بالمعنى؛ لأن ركوبَ الخيل أشْبَهُ بالكَرِّ على الأبطال، وسَبْأُ الزِّق أليقُ بتبَطُن الكواعب (١).

فقال المتنبّه: -يعني قائل الشعر المدعو بالمتنبي الكذاب-: اعلم أن القَزَّاز (٢) أعلمُ بالثوب من البَزَّار؛ لأن القزَّاز يعلمُ أوله وآخره، والبزَّاز لا يَرَى منه إلا ظاهِرَه. وهذا الانتقاد غير صحيح، فإني قلت:

* وقعْتَ وما في الموتِ شك لواقفٍ *

فذكرت الموت وتحقق وقوعه في صدر البيت، ثم تمَّمتُ المعنى بقولي:

* كأنك في جَفْنِ الرَّدى وهو نائمُ *

والرَّدى: الموتُ بعينه، فكأني قلت: وقفتَ في مواضع الموت ولم تَمت، كأن الموت نائم عنك، فحصل المعنى مناسبًا للقصد، ثم قلت:

*تمر بك الأبطالُ كَلْمى هزيمة*

ومن شأن المكلوم والمنهزم أن يكونا كاشحي الوجوه عابسيها خائبي الأمل، فقلت:


(١) من قوله: "لأن ركوب ... " إلى هنا ساقط من (ق).
(٢) في المصادر: "لحائك"، وهما بمعنى.