الثاني: إذا قال لامرأته: "إن قدِمَ زيدٌ آخرَ الشهر فأنتْ طالقٌ أوَّلَهُ"، وقلنا: تطلق من أوَّل الشهر بقدومه آخرَه، فإنا نقدر ارتفاع تلك الإباحةِ قبلَ قدومِهِ، لا أنا نرفعها ونجعلُ الوطءَ حرامًا، بل نقدْر أن تلك الإباحةَ في حكم العَدَم تنزيلًا للموجود منزلةَ المعدوم.
وثالثها: أنا ننزلُ المجهولَ كالمعدوم في بابْ اللُّقَطَة، فينتقل المُلكُ بعد الحول إلى الملتقِطِ مع بقاء المالك، تنزيلًا له منزلةَ المعدوم.
ورابعها: أنَّا في المفقود نزَّلنا الزَّوْجَ الذي فُقِدَ منزلَةَ المعدومِ، فأبحنا لامرأته أن تعتَدَّ وتتزوَّجَ، كما قضى فيه الصحابةُ.
وخامسها: أن مَنْ مات ولا يُعرَف له قرابة كان ماله لبيت المال، تنزيلًا للمجهول منزلةَ المعدوم، ولا نقولُ: نوقفه حتى يتبين له قرابةٌ، وكذلك لو علمنا له وارثًا وأحدًا وشككنا في غيرِهِ، دَفَعْنا إلى المعلوم ميراثهُ ولم نوقِفهُ إلا إن تُيُقِّن أنه كان له وارث وشككنا في عَدَمِهِ، فإنه ينبني على تقدير وجوده لأنه الأصل.
وعكس هذا تنزيلُ المعدوم منزِلةَ الموجود تقديرًا لا تحقيقًا، وله أمثلة:
أحدها: أن المقتولَ خطأ تورثُ عنه دِيَتُهُ المستحقة بعد موته، تنزيلًا لحياته المعدومة وقتَ ثُبوت الدِّيَة منزلةَ الحياة الموجودة ليثبت له المُلْكُ.
ثانيها: لو أعْتَق عبده عن غيره، فإنا نقدرُ المُلْكَ المعدوم للمعتَق عنه منزلةَ الموجود الثابت له ليقعَ العتقُ عنه.