للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يثبت ما يُزيلُهُ، وهذا واضح.

وقد اتفق على هذا الأصل -أعني استصحاب ما ثَبتَ- حتي يْثبتَ رفْعُهُ.

وأما قولكُم: القرعة لا تُزيل التَّحريم من المطلَّقَةِ؛ ولا ترفع الطلاق عمن وقع عليه، ولا تزيل احتمال كون المطلَّقة غير من وقعتْ عليها القرعة.

فجوابه: أنه منقوضٌ بالعِتْق، وما كان جوابكم عن العِتق فهو جوابُنا بعينه، ومنقوضٌ بالقُرْعة في المُلك المُطلق، فحق المالك في ملك المال كحقِّه في مُلك البُضْع، والعِتق بالقُرعة يتضمَّن إرقاقَ رقبة من ثَبتَ له الحُرِّيَّةُ، وسقوط الحجِّ والجهاد عنه، وثبوت أحكام العبيد له على تقدير (ق / ٣٠٧ ب) كونه هو المعتَقَ في نفس الأمر، وإن كانت أَمَة تضمَّن إباحةَ فرجها لغير مالكها، ومع هذا فالقرعةُ معيِّنة للمعتق، فتعيِينها للمُطَلَّقةِ كذلَك أو أولى.

وجواب آخرُ: وهو أن القُرْعة لم تزلْ تحريمًا ثابتًا في المُطَلَّقة، وإنما عيَّنتْ حكمًا لم يكن لنا سبيل إلى تعيينه إلا بالقُرْعة، واحتمالُ أن كون غيرِ التي خَرَجَتْ لها القُرْعَةُ هي المطَلَّقَةَ في نفسِ الأمر، مما لم يُكَلفْنا به الشارع لتعذر الوصول إلى علمه فنزِّل منزلةَ المعدوم.

وهذا كما أن احتمالَ كون غيرِ الأمَةِ التي خرجت لها القُرْعَةُ هي الحُرَّةَ في نفس الأمر ساقط عنا لِتَعَذر علمنا به فنزَلَ منزلةَ المعدوم (١).

وكذلك كوِن مالك المال الضائع موجودًا: في نفس الأمر لا يمنعُ


(١) هذه الفقرة سقطت من (ق).