وعلى هذا؛ فإذا تحرَّى الأسيرُ وفعل جهدَه فصام شهرًا يظنُّهُ رمضانَ وهو يشُكُّ فيه، فبان رمضانَ أو ما بعدَه، أجزأه مع كونه شاكًّا فيه.
وكذلك المصلِّي إذا كان معذورًا محتاجًا إلى تعجيل الصلاة في أوَّل وقتها؛ إنها لسَفَرٍ لا يمكنه النزولُ في الوقت ولا الوقوف، أو لمرضٍ يُغمَى عليه فيه، أو لغير ذلك من الأعذار، فَتَحَرَّى الوقتَ وصلَّى فيه مع شكِّه، ثم تبيَّن له أنه أوقع الصلاةَ في الوقت، لم تجِبْ عليه الإعادة، بل الذي يقوم عليه الدليلُ في مسألة الأسير أنه لو وافق شعبان لم تجبْ عليه الإعادةُ وهو قول الشافعي؛ لأنه فعلَ مقدورَةُ ومأمورَهُ، والواجبُ علي مثله صومُ شهر يظنُّه رمضان، وإن لم يَكُنْهُ (١)، والفرق بين الواجب على القادر المتمكن والعاجز.
فإن قيل: فما تقولونَ في مسألة الصلاة إذا بان أنه صلَاّها قبلَ الوقت؟.
قيلِ الفرقُ بين المسألتين: أن الصوم قابلٌ لإيقاعه في غير الوقت للعُذر، كالمريض والمسافر والمُرضع والحُبلى، فإن هؤلاء يسوغُ لهم تأخيرُ الصوم ونقلُه إلى زمن آخَرَ نظرًا لمصلحتهم، ولم يُسَوَّغْ لأحدٍ منهم تأخير الصَّلاة عن وقتها ألبتَّةَ.
فإن قيل: فقد سُوِّغَ تأخيرُها للمسافر والمريض والممطور من وقتِ أحدهما إلى وقت الأخرى.