للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وخرَّج ابنُ سُرَيج (١) له قولًا إنه ينعقد بالمُعاطاة (٢)، واختلف أصحابُه من أين خرَّجه؟.

فقال بعضُهم: خرَّجه من قوله في الهَديْ إذا عطب قبل المحل، فإنَّ المُهدي ينحرُهُ، ويغمس نعلَه في دمِهِ، ويخلِّي بينه وبين المساكين، ولا يحتاجُ إلى لفظ بل القرينة كافية.

واعترض على هذا التخريج بأن ذلك من باب الإباحات وهي مبنيَّةٌ على المُسامحات، يغْتفَرُ فيها ما لا يُغْتَفَر في غيرها، كتقديم الطعام للضَّيف، والبيع من باب المعاوضات التي تعقدُ على المشاحَّة، ويطلب الشارعُ فيها قطع النزاع والخصومة بكلَّ طريق.

وقال بعضُهم: هو مخرَّج عن مسألة الغَسَّال والطبَّاخ ونحوهما، فإنه يستحقُّ الأجرة مع أنه لم يسم شيئًا.

واعتُرِض على ذلك بأنه لا نصَّ للشافعيِّ فيها إلا عدم الاستحقاق، وإنما قال بعض أصحابه: يستحقُّ الأجرة.

وقال بعضُهِم: هو مخرَّج من مسألة الخلع إذا قال لها: أنْتِ طالِقٌ إن أَعْطَيْتِني ألفًا، فوَضَعَتْها بينَ يديه، فإنها تطلقُ ويملك الألف، مع أنه لم يصدرْ منها لفظٌ يدلُّ على التمليك.

وحُكِي أنْ الشيخ عز الدين ابن عبد السلام كان يرجِّحُ التَّخريجَ (٣) من هاهنا. واعْتُرِض عليه بأن في الخلع شائبةَ التَّعلُّق (٤) والمعاوضة،


(١) أبو العباس أحمد بن عمر ابن سُرَيْج من أئمة الشافعية ت (٣٠٦).
(٢) انظر: "الوسيط": (٣/ ٨)، و "المجموع": (٩/ ١٥٣).
(٣) (ع): "التحريم".
(٤) (ق): "التعليق".